فلسطين أون لاين

خيارات مجنونة أمام نتنياهو

شنَّ وزير المالية السابق في حكومة الاحتلال الإسرائيلي "أفيغدور ليبرمان" هجومًا مباشرًا على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في أعقاب خطابه بشأن الإصلاحات القضائية، عادًا بأنه يتصرف مثل الأرنب أمام يحيى السنوار، وحسن نصر الله، ويقوّض قدرة الردع الإسرائيلية، في حين يتصرف الآن كالأسد تجاه أصدقائه في الليكود، ووصف خطوات نتنياهو بالمخزية، تأتي هذه التصريحات ضمن حملة واسعة من الانتقادات التي يتعرض لها نتنياهو منذ تشكيل (حكومته المتعثرة) في محاولة لثنيه عن تمرير أي إصلاحات قضائية جديدة، والنيل من الحكومة الحالية، وممارسة الضغط عليها لتغيير سياساتها أو السعي لتفكيكها.

فما يحدث في الكيان اليوم خطير وغير مسبوق بعد أن تطورت المواقف تدريجيًا من وسائل الإعلام إلى التحرك في الميدان والاحتجاج بمئات الآلاف حتى وصلت بعد التقديرات بأن الأعداد قاربت "النصف مليون" محتج، ليس هذا فحسب بل انعكست الأحداث على المؤسسة الأمنية والعسكرية، وخرج إلى السطح حالات رفض للالتحاق بالخدمة العسكرية، وتعليق عمل، وبيانات منددة من قيادات سابقين في المؤسسة الأمنية والعسكرية، فضلًا عن تصريحات صاخبة ولافتة لقيادات رفيعة تشغل مناصب حساسة في هذه المستويات كلها تهاجم رئيس حكومة الاحتلال وتنتقد خطواته الحالية.

وهذا نابع من شعور هؤلاء بأن هناك (خطرًا حقيقيًا) يتهدد الدولة؛ وأن رئيس الحكومة الحالي يسير بالدولة للهاوية في ظل تصميمه هو وحلفائه على إحداث "تغييرات جوهرية" قد تحصنه وتحصن بقية المجرمين من حلفائه في الحكومة، وتساهم في توسعة الصلاحيات، وتحول دولة الاحتلال إلى نظام أقرب إلى الدكتاتورية، لذلك فشلت كل المحاولات لاحتواء الخلافات الداخلية؛ لأن قناعة هؤلاء بأن الخطوات الحالية هي في إطار حماية وتعزيز مصالح شخصية على حساب مصلحة الدولة.

ويمكن الوقوف مع جزء آخر من تصريحات ليبرمان التي يوضح فيها ويؤكد ذلك بقوله: "الصراع الحالي في المجتمع الإسرائيلي ليس بين اليسار واليمين، لكن من بين أولئك الذين يخدمون في الجيش، ويعملون ويدفعون الضرائب، وبين أولئك الذين يلهثون وحلفاؤهم من أجل الكرسي ومستعدون لدعمهم وبيع كل قيمهم"، هذا الموقف يتفق مع عشرات المواقف لقيادات وكوادر ورؤساء أحزاب داخل الكيان، الذين يقفون خلف هذه الاحتجاجات بقوة ويشاركون فيها بصورة فاعلة.

فالوضع الداخلي في الكيان يسير في نفق مظلم وحكومة الاحتلال عجزت من أربعة نواحي الأولى/ عجزت عن إقناع الجمهور الداخلي والأحزاب السياسية بأهمية أو ضرورة هذه الخطوات والاصلاحات، الثانية/ فشلت في التوصل لتسوية مع الأحزاب السياسية من المعارضة ولم تنجح في احتواء الموقف، الثالثة/ لم تنجح في وقف الاحتجاجات وفشلت فشلًا ذريعًا في الحد من تأثيرها، الرابعة/ فشلت فشلًا ذريعًا في توفير الأمن واستعادة الهدوء فقد شهدت المرحلة الحالية تصاعدًا للعمليات الفدائية وزادت المخاطر والتهديدات.

وهذا ما جعل نتنياهو أمام قنابل موقوتة؛ (الوضع الداخلي المتفجر والخشية من انهيار الحكومة، وتصاعد المهددات الخارجية" طهران- حزب الله- المقاومة الفلسطينية"، وبداية تفكك مشروع التطبيع في ظل الحديث عن "مصالحة إيرانية خليجية"، الأمر الذي سيدفعه لاتخاذ خطوات ربما تكون (مجنونة) لإنقاذ الوضع الداخلي وحماية حكومته من الانهيار، هذا يعني أن المهددات الخارجية هي الهدف أمامه، وأنه لن يتردد مهما كانت كلفة ذلك، لكن لا أحد يعلم ما الذي يفكر به نتنياهو وحلفائه في هذا السياق، هل سيهاجمون قطاع غزة؟ هل سيهاجمون حزب الله؟ هل سيهاجمون طهران؟ وهذا ما فرض على جميع جبهات المقاومة رفع مستوى اليقظة والاستعداد تحسبًا لأي تطورات قد تحدث في لحظة ما.