فلسطين أون لاين

تقرير في الغربة.. كيف تربط الأم طفلها بشهر رمضان؟

...
في الغربة.. كيف تربط الأم طفلها بشهر رمضان؟
غزة/ هدى الدلو:

"كل شيء في الغربة له طعم مختلف، حتى شهر رمضان، فقضائه في وطني بين الأهل والأصدقاء لذة أخرى، فأجوائه في الشوارع ومآذنه التي كانت تنطق فرحة وبهجة في استقباله، لكن اليوم بدا الأمر لي صعبًا خاصة عندما يتعلق بالأطفال وكيفية الحفاظ على علاقتهم بهذا الشهر، وربطهم فيه وبعاداته الروحانية"، هكذا استهلت ابتسام الشريف حديثها.

تقول: "في رمضان نحاول قدر المستطاع إضفاء روح للشهر على بيوتنا وأبنائنا بجميع الطرق والوسائل، خاصة أني أقيم في إحدى ولايات بلجيكا ويبعد عني المسجد مسافة طويلة، وفي بعض السنوات أعمل على شراء الزينة بمشاركة بناتي الثلاثة، وأحيانًا أصنعها برفقتهن في البيت".

وتضيف الشريف: "إلى جانب أعباء المدرسة الثقيلة عليهن، فإن بعد عودتهن من الدوام يقع على عاتقي تعليمهن المبادئ الدينية والحديث عن رمضان وفضله ومعنى الصيام، والصلاة معهن في جماعة".

فأغلب المسلمون المغتربون يحاولون بقدر استطاعتهم إضفاء بهجة وروح هذا الشهر على بيوتهم وأبنائهم ليتعلقوا به.

وتواظب مع صغيراتها قراءة القرآن والأدعية خاصة في شهر رمضان كونه يعد شهر العبادات، كما تتابع معهن بعض البرامج الدينية التي تعطي المواعظ ونصائح لصفات إسلامية كحسن المعاملة والكرم وغيرها، وتعمل على تطبيق بعض الأفكار لربطهن فيه كونه يحمل أجواء خاصة.

كما أنها لا تغفل عن إعداد الأطباق الرمضانية كوسيلة للحفاظ على خصوصية شهر رمضان في الغربة، فتحرص على تواجد الشوربة والسمبوسك والقطايف وغيرها من الأطباق الأساسية التي لا تُعدّها إلا ذلك الشهر.

صعوبة الإقناع

وتواجه المغتربة مها أبو سعدة صعوبة كبيرة في إقناع أبنائها بقدوم شهر رمضان، ففي بداية غربتها في تركيا كان الأمر أيسر كون أبنائها صغار ولم يفرقوا بين الصائم والمفطر، ولكن كل سنة قادمة تكون أصعب من التي مضت.

وتقول وهي أم لثلاثة أبناء: "عند قدوم شهر رمضان أحاول أن أصنع الأجواء بشراء الفوانيس والزينة وأحدثهم عن رمضان وفضله، واقنع ابني ذو السبعة أعوام أن يبدأ بالصيام، ولكن بمجرد الخروج من باب البيت يتحطم كل شيء، خاصة عندما يشاهد الشبان يمشون في الشارع وهم يأكلون ليسألني أسئلة كثيرة، فأطلب منه أن يدعو لهم بالهداية".

وتحاول أن تقضي غالبية أوقاتها في شهر رمضان داخل البيت برفقة أبنائها لكي تخفف عليهم الأسئلة والتعليقات.

بالقدوة

وفي السياق ذاته يرى الاختصاصي النفسي والاجتماعي د. إسماعيل أبو ركاب أن الوالدين هم القدوة الأولى للطفل، وهم الأقدر على التأثير فيه خاصة في بلاد الغربة، لذلك ربط الطفل بالشعائر الدينية أمر مهم، فلا بد من توفير المساحة الكافية للطفل للشعور بالتغيير الإيجابي معه في المعاملة إلى إشراكه وتدريبه على الصيام، بما لا يسبب مشقة للأطفال الأصغر سنًا، وتوفير مساحة كافية لتعليمه الصلاة والعطف على الفقراء ومساعدة المحتاجين وغيرها من الشعائر الدينية.

ولذلك يوضح أن بعض الأمهات وخصوصًا المغتربات تقع عليهن مسؤولية ربط الطفل بالأمور الدينية ومحافظتهن على علاقته بشهر رمضان، فتعمل كل ما في وسعها للتحضير لعادات رمضان من شراء أدوات منزلية وصناعة أشكال الطعام والشراب والتحضير لحضور مسلسلات رمضان الدينية، فيرسخ عند الطفل التعلق بالعادات والشعائر الدينية.

ويبيّن أبو ركاب أن علاقة المودة والمحبة هي العلاقة الأسمى التي يجب أن تتحلى بها الأم مع طفلها، لكون هذا الأسلوب فقط هو من سيزيد حبه وتعلقه بأمه ويزيد ارتباطه بكل سلوكيات أمه؛ لتتمكن من تعويض الفاقد من التربية الدينية المجتمعية، وبالتالي يتضاعف العبء على عاتقها في بلاد الغربة وخاصة المجتمعات غير المسلمة، وبالتالي فإن ترسيخ المبادئ الدينية عن طريق التعلم بالقدوة.

ويشير إلى أن الطفل ومنذ نعومة أظفاره يعي ويحتفظ بكل سلوك ممكن أن يراه، لذلك على الأمهات الانتباه إلى البدء بترسيخ المفاهيم الدينية من مرحلة مبكرة، وذلك باختيار بعض الألعاب الدينية وقراءة القصص الدينية والتربية بالنمذجة، عن طريق الحديث الإيجابي عن الأشخاص الملتزمين دينيًا، كما يمكن دمج الطفل في بيئة مسجد في منطقة قريبة من سكنهم.

ويضيف أبو ركاب: "ومن الأشياء التي يمكن ترسيخها في عقل الطفل الحديث معه داخل المنزل باللغة العربية فقط، وأن تقوم الأم بشكل متكرر بفتح التلفاز على القرآن حتى يألفه، وتعليمه بعض الشعائر الدينية باللعب والمرح والربط بينهما".