أعلنت لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الأسيرة تعليق الإضراب، الذي خطط الأسرى لتنفيذه في معركة الأمعاء الخاوية "بركان الحرية أو الشهادة"، بدخول 2000 أسير في الإضراب، ليكون من أكبر الإضرابات التي خطط الأسرى لخوضها في تاريخ الحركة الوطنية الأسيرة، وبحسب نادي الأسير الفلسطيني فقد نفذ الأسرى على مدار السنوات الماضية أكثر من 26 إضرابًا جماعيًّا شملت السجون والمعتقلات الإسرائيلية كافة.
لقد سبق حراك الأسرى الإضراب المفتوح عن الطعام مع بداية شهر رمضان، خطوة تمهيدية من العصيان لأكثر من شهر ضد إجراءات وتعليمات إدارة السجون الإسرائيلية التي أعلنها المتطرف "بن غفير"، وهي: التصديق على مشاريع قوانين عنصرية أبرزها إعدام الأسرى وحرمانهم من العلاج، كما تشمل التحكم بكمية المياه التي يستخدمونها وتقليص مدة الاستحمام، وإغلاق المخابز، ومضاعفة عمليات الاقتحام والتفتيش، ومضاعفة عمليات العزل الانفرادي وتصعيد عمليات نقل قيادات الحركة الأسيرة، وتقليص وقت الفسحة والزيارات ...الخ.
لقد نجح الأسرى بصبرهم وعزيمتهم وإرادتهم الصلبة في كسر إجراءات وقوانين الاحتلال للنيل من وطنيتهم وقضيتهم، التي دفعوا من أجلها الغالي والنفيس من أعمارهم ودمائهم، وإيمانهم ويقينهم أيضًا بالنصر، واليوم ينتصر مرة أخرى 4800 أسير وأسيرة لفلسطين والعرب أجمعين، ليُعيدوا لنا ولأمتهم المجد والكرامة والعزة، وليمسحوا عار النكبة والنكسة والانقسام عن الجبين.
يبدو أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أخذت العبرة من الانتصارات التي حققتها الحركة الوطنية الأسيرة وصمودها في وجه إدارتها القمعية، فقد انتصرت في معركتي "الأمعاء الخاوية" و"الكرامة"، إذ سطر الأسرى فيهما أروع ملاحم الصمود والتحدي في مواجهة السجان عبر "سلاح الجوع" (#مي_وملح)، الذين لا يملكون سلاحًا غيره في الزنازين والمعتقلات والسجون، وأحبطوا كل محاولات القهر والإذلال وكل إجراءات القمع والتعذيب التي تمارسها سلطات الاحتلال ضدهم.
إن نجاح الأسرى القابعين في سجون الاحتلال أمس بانتزاعهم هذا النصر العظيم، يعد من أكثر الإنجازات وأسرع الانتصارات في آن واحد، بإجباره وإذعانه لمطالبهم والموافقة على شروطهم المشروعة التي كفلتها الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية جنيف الرابعة في عام 1949، لضمان المعاملة الكريمة والإنسانية للأسرى وعدم الإحاطة والمساس بكرامتهم وحقوقهم، وإن كل ما تتخذه سلطات الاحتلال من إجراءات قمعية ضد الأسرى هي مخالفة للقانون الدولي الإنساني.
الواضح أن الأسرى يديرون معركة الحرية بأنفسهم، ولوحدهم يواجهون الاحتلال وحكومته المتطرفة وعلى رأسها "بن غفير"، الذي يسعى للنيل من الأسرى، وقد أفسدوا عليه مخططاته العنصرية وقلبوا السحر على الساحر "رجل التيك توك"، كما يسميه مجتمعه، وأما الأسرى فمعنوياتهم مرتفعة لهذا النصر المؤزّر، وما ينتظره الأسرى حقيقةً تنفيذُ خطوة مماثلة لصفقة "وفاء الأحرار"، لتحريرهم من قبضة الاحتلال الصهيوني المجرم، لإيمانهم بأن مسار المفاوضات السلمية مع الاحتلال لم يجلب لهم حريتهم ولا تحفظ لهم كرامتهم.