يُعد عيسى عمرو (37 عامًا) أحد أبرز الناشطين في مجال حقوق الإنسان بالضفة الغربية لا سيما في مدينة الخليل؛ وبدأ عيسى عمله عام 2003، بمواجهة إجراءات الاحتلال وانتهاكاته من خلال المقاومة الشعبية على الأرض ودأب على فضح تلك الانتهاكات بتوثيقها، إضافة إلى تنظيمه مظاهرات ضد أي مخططٍ استيطاني، والكشف عنها باستمرار، وتعزيز صمود الفلسطينيين بالمناطق المستهدفة، لتكون المكافأة باعتقال جهاز أمن الوقائي التابع للسلطة له الاثنين الماضي.
وبعد ضغوط حقوقية محلية ودولية، أفرجت محكمة "الصلح" التابعة للسلطة في الخليل، أمس، عن الناشط عمرو، بكفالة مالية قيمتها 1000 دينار أردني، مقابل حضور جلسات محاكمة.
وقال عمرو عقب الإفراج عنه لصحيفة "فلسطين": "أبلغت أن لدي محاكمة خلال الأيام القادمة بتهمة إطالة اللسان وإنشاء صفحات تواصل اجتماعي مخالفة للقانون حسب قانون الجرائم الإلكترونية الذي سنته السلطة مؤخرًا"، معتبرًا محاكمته تجاوزًا للقانون الأساسي الفلسطيني الذي يتيح له ممارسة حقه بحرية التعبير عن الرأي، والانتقاد.
وأشار إلى أن جهات حقوقية دولية ضغطت على السلطة للإفراج عنه، كونه معتمدًا كمدافع عن حقوق الإنسان من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والعديد من المؤسسات الحقوقية، مبينًا أن ظروف اعتقاله كانت سيئة، ما دفع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان لتقديم شكوى لنيابة الخليل ضد أساليب اعتقاله، التي تخللها تهديده بالقتل.
وشدد على رفضه لقانون الجرائم الإلكترونية الذي ينتهك حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن مجموعة شباب ضد الاستيطان ستقوم بحملة خلال الأيام القادمة، للمطالبة بإلغاء القانون أو تعديله، لكي ينصف المواطن والمدافع عن حقوق الإنسان، مع احترام حرية الرأي والتعبير.
وفي عام 2015 مثّل عمرو فلسطين في المنبر العالمي لمجلس حقوق الإنسان بسويسرا الذي يُنظم كل عام، ولديه شبكةٌ كاملة من العلاقات مع معظم الحقوقيين الدوليين، وتخطت قضيته حدودَ سجنه داخل "وقائي الخليل" فقد طالب 32 من نواب من الكونغرس الأمريكي بالإفراج عنه من سجون السلطة، كما أصدرت مؤسسات حقوقية دولية بيانات شجبٍ تدين اعتقاله، كذلك طالبت الحكومة الألمانية بالإفراج عنه، فقام وقائي السلطة بالإفراج عنه أمس بعد تلك الضغوط.
تفاصيل الاعتقال
فيما يقول شقيقه أحمد لصحيفة "فلسطين" أن عيسى تلقى اتصالًا هاتفيًا من ضابط بـ"وقائي الخليل" يطلب منه الحضور فورًا لمقرهم ليلًا، ونظرًا لانشغاله ذهب لمقر "الوقائي" صباح الاثنين الماضي، واحتجز حينها في ظروف قاسية تحديدًا في زنزانة أشبه بدورة مياهٍ مكشوفة، فأعلن الإضراب عن الطعام، كما تعرض للتهديد بالقتل داخل السجن.
كتاباته وانتقاداته لأداء بلدية الخليل وقيادات السلطة هي السبب الرئيس للاعتقال، حسب قول عمرو، فضلًا عن خلافاته الشخصية مع بعض قيادات حركة فتح بالخليل، كاشفًا أنه بحسب سفارة السلطة بأمريكا فإن قيادات كبيرة بالسلطة وراء اعتقال الناشط عمر، وأن رئيس وزراء حكومة رام الله "رامي الحمد الله" رضخ لمطالب بعض قيادات فتح بالخليل.
وعن سبب الخلافات مع قيادات فتح؛ يقول شقيقه: "كان عيسى أحد الرافضين لاعتقال السلطة للصحفيين بالخليل، ويتصدى دائمًا لما تسعى إليه السلطة من كسر أي صوت حر سواء كان ينتقد الاحتلال أو السلطة"، مستدركًا: "لكن سبب الخلافات مع قيادات فتح بالمحافظة هو ما قامت به مجموعة شباب ضد الاستيطان على الأرض من كشفٍ لعيوب تلك القيادات".
وعلى ما يبدو أن الفرحة عمت المستوطنين بالخليل لأن عيسى كان يمثل مصدر إزعاج لهم؛ ناهيك عن أن شخصيات من حركة فتح ترفض وجوده بالخليل.
ويعمل عيسى عمرو، منسقًا لمجموعة "شباب ضد الاستيطان" التي تعمل ضد الانتهاكات الإسرائيلية على الأرض، من خلال تنظيم مظاهراتٍ ضد التوسع الاستيطاني بالخليل.
وكانت آخر أنشطته تنظيم جدول فعاليات قبل اعتقاله بيومين؛ بدأه بتنظيم وقفةٍ ضد قرار وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان الذي أعطى المستوطنين حق إنشاء بلدية خاصة بهم، الأمر الذي يمنحهم حق الاستيلاء على أماكن فلسطينية عامة غير مسكونة.
واعتقل عيسى أكثر من 20 مرة على يد الاحتلال ما بين عامي 2012-2014م.