انتهى لقاء شرم الشيخ الأمني، والذي حضرته الأطراف الخمسة: (أمريكا وإسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن ومصر)، بعد ساعتين من النقاش، والذي عقد في ١٩/٣/٢٠٢٣م، استكمالًا للقاء العقبة الأمني الخماسي بتاريخ ٢٦/٢/٢٠٢٣م، وصدر عنه بيان ختامي رحب به الإعلام العبري ووصفه بالممتاز.
بالطبع ما هو ممتاز عند دولة الاحتلال والإعلام العبري ليس ممتازًا عند فصائل المقاومة الفلسطينية، ولا عند أفراد الشعب الفلسطيني، حتى حسين الشيخ الشريك الفلسطيني فيه لا يراه ممتازًا، وإن وافق على تنفيذ المطلوب منه في الميدان.
ما يُفرح العدو عادة لا يفرح المواطن، بل يحزنه ويؤلمه، ونحن في غزة والضفة نتألم مما حدث، ومما اتفق عليه ضد المقاومة والتي ذكرت في البيان تحت عنوان (العنف)، وكلمة العنف في البيان الختامي تعني المقاومة.
إن كل من يقرأ البيان الختامي الذي صيغ بعناية وبعض الإبهام يدرك أن الخمسة اتفقوا على العمل ضد المقاومة، وأن جهة التنفيذ المباشر هي السلطة الفلسطينية، يقول البند الأول من البيان الختامي: " أكد المشاركون مجددًا التزامهم بتعزيز الأمن والاستقرار والسلام للإسرائيليين والفلسطينيين على حدٍّ سواء، وأقروا بضرورة تحقيق التهدئة على الأرض، والحيلولة دون وقوع مزيد من العنف"
إذا قمت بتحليل موضوعي لهذه العبارات تجد أنها تلبي طلب (إسرائيل) تلبية تامة، الإسرائيلي يريد (الأمن، والاستقرار، والسلام) ويريدهم بمفهومه لها، ومفهومه لها يقوم على وقف المقاومة الفلسطينية، مع بقاء سيطرته على القدس والضفة الغربية وحصاره لغزة، وتحقيق هذا على الأرض يتطلب أعمالًا مباشرة من السلطة لقمع المقاومة واعتقال المقاومين وإحباط أعمالهم قبل تنفيذها، على أن يجري ذلك بالتعاون مع (إسرائيل)، وبرعاية أمريكية، وعربية، لذا جعل البيان الختامي من الأطراف الخمسة جهة رقابة ومتابعة، وجهة تتلقى التقارير من السلطة ومن إسرائيل.
هذا الإجراء -أعني إشراك الخمسة- سعت إليه فيما أحسب السلطة من ناحية، (وإسرائيل) من ناحية أخرى، وهذا يعني أن على الدول الخمس أن تتبادل المعلومات الأمنية، لمنع المقاومة، وهي أيضًا حكم على الإجراءات العملية التي تجري في الميدان، وهل انسجمت مع الاتفاق، أم خالفته، وأين خالفته، ولِمَ خالفته، وغير ذلك من الأسئلة.
أما قول قائله بأن في البند سالف الذكر "الأمن والاستقرار والسلام للفلسطينيين" فهو مجرد قول لتغطية مطلوب الأمن والاستقرار للإسرائيليين، لأن أمن الفلسطيني واستقراره يرتبط بزوال الاحتلال والاستيطان، إذ لا سلام ولا أمن ولا استقرار مع الاحتلال والاستيطان، والأطراف الخمسة تدرك هذا، ولكن الطرف الفلسطيني والعربي لم يشترطه ولم يطلبه، وقصارى ما سجله البيان الختامي هو وقف الاستيطان الجديد أربعة أشهر فقط.
البيان الختامي للقاء شرم الشيخ الأمني لم يعطِ الفلسطيني في الضفة والقدس وغزة شيئًا له علاقة بالأمن والاستقرار والسلام، لا على مستوى الأرض ولا الأفراد، قد تأخذ السلطة مالًا وتسهيلات ومساعدات، ولكن كل ما تأخذه ليس له علاقة بالأمن والاستقرار والسلام، إذا ما ربطنا هذه المعاني بالأرض، وبالاحتلال والاستيطان.
من يقرأ، ومن يتعمق، ومن يراقب غدًا وبعد الغد، سيشعر حتمًا بآلام كثيرة، لهذه الحالة الفلسطينية والحالة العربية، وعزاء الفلسطيني هو الأمل بالله، والثقة بحكمه وحكمته، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.