"ماما السنة بدي أصوم رمضان كله، كبرت على صوم العصفورة، وصرت أتحمل الجوع والعطش"، بهذا الحماس عبّر الطفل أحمد صلاح (8 أعوام) لوالدته عن رغبته في صيام رمضان هذا العام، رغم محاولاتها العام الماضي معه التي لم تجدِ نفعًا.
تقول والدته: "حاولت معه كثيرًا البدء في صوم يوم كامل في بعض أيام رمضان الماضي، لكنّه استصعب فكرة حرمانه من تناول الطعام طيلة النهار، وبقي مقتنعًا بصوم العصفورة، على أن أحاول معه مجددًا العام الحالي".
وتضيف: "أحمد أكبر أشقائه ولا يجد من يقلده، ولكنه بدا هذا العام متحمسًا لاستقبال الشهر والرغبة في البدء بالصيام ولو تدريجيًّا، وعملت على تحفيزه بزيادة في المصروف لكل يوم يصومه كاملًا، ووعدته بهدية يختارها بنفسه في نهاية الشهر".
أمّا الطفلة لارا نائل فقد أغرقت والدتها بأسئلة عن شهر رمضان وفضله، فاستثمرت الفرصة لتحفيزها على الصوم وتشجيعها على خوض التجربة للمرة الأولى، خاصة أن هذا العام يأتي بأجواء مناخية معتدلة، وليس كالأعوام الماضية وما كان يشهده من ارتفاع في درجات الحرارة لا تمكّن بعض الأطفال من إتمام صومهم.
وتوضح والدتها أن طفلتها أبدت رغبة في التجربة وتقليد إخوتها الكبار، "شجّعتها على ذلك ومنحتها الفرصة لشراء أحبال الزينة الرمضانية وتعليقها على جدران البيت".
جوائز الصيام
في هذا السياق تؤكد الاختصاصية التربوية نداء العمور أن الصيام مدرسة تربوية مهمة جدًا، فخطوات التحفيز تبدأ في الحديث مع الأطفال عن فضل شهر رمضان بأسلوب يسير ومحبّب للطفل، كالجوائز التي يحصل عليها الصائم ووعود الله له بباب خاص بعمله يدخلون منه إلى الجنة يسمى باب الريان، والحسنات التي سيجزيه الله بها كثيرة لا يعلمها إلا الله.
وتنصح الأهالي بالحديث إلى الأطفال عن شهر رمضان بصفته "كنزًا كبيرًا مليئًا بالجوائز الجميلة"، ومن هذه الجوائز إجابة الله دعاءَ الصائم أي أنه يمكنك أن تدعوَ لوالديك ولنفسك ولأصدقائك، لذلك عليك أن تكثر من هذه العبادة في رمضان، والصيام مغفرة للذنوب وحماية من المعاصي، وأن الله هو من يجازي الصائم عن صيامه، وأن للصائمين بابًا خاصًّا في الجنة، ورائحة أفواههم أجمل وأطيب من أفضل العطور، إضافة إلى العيدية التي يتحصل عليها الطفل في عيد الفطر.
تدريب لا إكراه
وتشير العمور إلى أن العمر المناسب للصيام وفق قاعدة جميلة يضعها العلماء "يجب أن نمرّن الأطفال ولا نجبرهم ولا ننهاهم"، من منطلق حديث الرسول عليه الصلاة والسلام "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، والنائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق"، فليس فريضة على الأطفال الذين لم يصلوا إلى سن البلوغ.
وتوضح أنه بناء على الواقع المشاهد الذي يتكلم عنه العلماء فإن الطفل في سنّ تسع سنوات أو عشر يكون لدى بعضهم قدرة على الصيام، وآخرون يكون لهم الرغبة في الصيام، ويجب على الأهل ملاحظة أبنائهم فإذا توفرت الرغبة لديهم لا بُدّ من دعوتهم للصيام، كما كان الصحابة يفعلون عند صيامهم يوم عاشوراء، قبل فرض الصيام بدعوة صغارهم للصيام وإلهائهم باللعب حتى يأتي وقت آذان المغرب.
وترى العمور أن تدريب الأطفال على الصيام مهارة وفن بحسب العمر، بمعنى أنه كلّما كان الطفل صغيرًا نقلل له ساعات الصيام والعكس.
وتتابع حديثها: "كما لا بد من إشعار الطفل بالأجواء الرمضانية وجعله يجلس على مائدة الإفطار وتحفيزه أمام الجميع وبالكلمات الجميلة، وبالتالي هنا أنت لا تمرنه وتشجعه على الصيام فقط بل وتعزز ثقته بنفسه أيضًا".
وتلفت العمور إلى أنه يجب على الأهل ألّا يُحرم أطفالهم من خوض تجربة الصيام خاصة إذا كان لديهم رغبة، وصحتهم البدنية تسمح لهم بالصيام، مشددةً على عدم إجبارهم إذا رفضوا أو شعروا بشيء من التعب أو الملل.
وتختم حديثها: "الإصرار على صوم الطفل قد يؤدي به إلى مشاكل تربوية أو صحية بسبب ضعف بنيته، كما أنه قد يؤدي به إلى العناد وعدم الالتزام في الصوم عندما يكبر، وهنا يكمن أهمية التشجيع والتحفيز والتدرج في تعويد الطفل على الصوم".