تعدّ الجمعية العامة للأمم المتحدة صاحبة الصلاحية الوحيدة لتجديد التفويض الدوري لعمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "أونروا"، أو لتعديل، أو نقل، أو إنهاء خدماتها، وفي المقابل فإن اللوبي الصهيوني لم ولن يتوقف عن محاولات الضغط على الإدارة الأمريكية والدول المانحة وعلى دول في الأمم المتحدة لتحقيق ما يريد من الخيارات الثلاثة الأخيرة لاعتبارات محض سياسية بالتمهيد لإزالة "العقبة الكأداء امام عملية التسوية، قضية اللاجئين وحق العودة".
وبعد أن طلب نتنياهو من سفيرة أمريكا في الأمم المتحدة نيكي هيلي العمل على تفكيك "أونروا" ونقل خدماتها للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين حين التقاها في القدس المحتلة في 11/6/2017، ليس من المستبعد كذلك أن يكون نتنياهو قد طلب نفس الأمر من كل من الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش والمبعوث الخاص للشرق الأوسط غارد كوشنير عن الموضوع أثناء وجودهما الأخير في فلسطين المحتلة نهاية شهر آب/أوغسطس 2017، ومما يعطي المزيد من المؤشرات المنهجية لخطوات استهداف "أونروا" ما نقلته صحيفة معاريف العبرية الجمعة 8/9/2017 من أن مسؤولًا من وزارة الخارجية "الإسرائيلية" قام قبل أسابيع بزيارة الولايات المتحدة وعرض حلولًا لتغيير تفويض "أونروا"، وأن وفدًا "إسرائيليًا" سيتوجه السبت 9/9/2017 إلى أمريكا يرأسه نائبة وزير الخارجية تسيبي خوتوفيل وستلتقي هناك مع السناتور تيد كروز المسوؤل عن هذا الملف".
نعتقد بأنه وعلى أهمية الحراك الشعبي والفصائلي السياسي التراكمي، واستمراريته في سياق التوعية والتأثير والضغط على صانع القرار، لكن بات الأمر يحتاج كذلك للتحرك السريع باتجاه من يصنع القرار في عواصم بعض الدول المؤثرة، لذلك هي دعوة لتفعيل الدور الفلسطيني الرسمي في الأمم المتحدة والاستفادة من عضوية دولة فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة وكأحد الأعضاء الثلاثة المراقبين في اللجنة الاستشارية للأونروا مع جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، وتحرك جاد كذلك لجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، واتحاد البرلمانيين العرب، والدول المضيفة للاجئين، والدول الغربية والإسلامية الصديقة للشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى حراك لوكالة "أونروا" نفسها وأطرها المختلفة وموظفيها للوقوف أمام محاولات الكيان الصهيوني..
الموضوع جدًا خطير وخطورته سياسية وأمنية بالدرجة الأولى، إذ يهدد مصير قرابة 6 ملايين لاجئ فلسطيني مسجل في سجلات "أونروا" بحرمانهم من حقهم في العودة وهم الذين يعيشون حاليًا أوضاعًا إنسانية صعبة في 58 مخيمًا معترف بها من قبل "أونروا" والدول المضيفة وفي تجمعات متناثرة في الضفة الغربية وقطاع غزة وسوريا والأردن ولبنان، ويهدد بتفريغ القرار 194 لتاريخ 11/12/1948 من محتواه الذي أكد على حق العودة والتعويض واستعادت الممتلكات وارتباطه بقرار تأسيس وكالة "أونروا" تجاه ما تضمنه القرار 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لتاريخ 8/12/1949 في ديباجته والفقرة الخامسة والفقرة العشرين الذي أشار إلى تطبيق القرار 194، وسيتسبب بالمزيد من الفوضى الأمنية في المنطقة، ويزيد الأمر خطورة وضع اللمسات الأخيرة على آخر التحضيرات لانطلاق أعمال الدورة 72 للجمعية العامة يوم الثلاثاء القادم 12/9/2017 بإمكانية طرح الموضوع على جدول أعمال الجمعية الذي يتحكم فيه – وفق صلاحياته - الصهيوني داني دانون الذي كان سفيرًا لكيان الاحتلال في الأمم المتحدة، وعُين نائبًا لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة لمدة سنة ابتداءً من 31/5/2017، وكان دانون قد مارس صلاحياته في 4/8/2017 بأن شطب من جدول أعمال الجمعية العامة البند المتعلق بنقاش زيادة ميزانية "أونروا"، إذا كان من المتوقع أن يحظى البند بالموافقة والاعتماد من غالبية الدول الأعضاء.