قرار إخلاء عائلة شماسنة بالقوة من منزلها الذي تعيش فيه منذ عام ١٩٦٤م في الشيخ جراح هو خطوة أخرى تستهدف زرع مزيد من المستوطنين في هذه المنطقة على حساب الفلسطينيين، في إطار مخطط تهويد المدينة المقدسة. والسؤال الذي يطرح نفسه: بأي حق يتم تهويد الشيخ جراح؟ وهو حي من أحياء شرقي القدس وقد سمي على الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي، طبيب صلاح الدين الأيوبي، ويتهدده الآن مخطط استيطاني تم الإعلان عنه أخيراً.
إن استمرار تنفيذ المخططات الاستيطانية في المدينة المقدسة والإعداد للمصادقة على المزيد من المخططات وبالمقابل استمرار التضييق على المقدسيين بمنعهم من البناء وملاحقتهم بالضرائب يهدف لدفعهم إلى ترك المدينة المقدسة، كما فعلت مع سبع عشرة عائلة مقدسية في الحارة الوسطى أو ما يعرف بحي "بطن الهوى" في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، عن تخوفها وخشيتها من ترحيلها من منازلها لصالح جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية المتطرفة، حيث سلّمت الجمعية الاستيطانية في الأيام الأخيرة تسعة بلاغات قضائية لعائلتي غيث وشحادة في الحي تطالبهما بالأرض المقامة عليها منازلهما السكنية، الكائنة في الحي بزعم وحجج واهية من محكمة الاحتلال العليا التي أقرت ملكية المستوطنين من اليمن لأرض حي "بطن الهوى" قبل أكثر من مئة عام، وتقع هذه المنازل ضمن مخطط "عطيرت كوهنيم" للسيطرة على 5 دونمات و200 متر مربع من حي الحارة الوسطى.
مصادقة المحكمة الاحتلال العليا على هذا الادعاء الكاذب من قبل مستوطنين ملكيتهم لهذا الحي، وإن كل الدلائل تشير إلى عدم صحة هذا الادعاء وأن ملكية هذه الأحياء تعود للعرب المقدسيين منذ العهد الأيوبي، تجد هذه السرعة التي تمت بها عملية المصادقة وإقرار مخطط البناء الاستيطاني الجديد في "بطن الهوى"، تشير إلى أن دوافع سياسية تقف وراء المصادقة. وتفرض محاولة تسريع تنفيذ مخططات أخرى في المدينة المقدسة أمراً واقعاً جديداً على الأرض، عملًا بحطة أرييل شارون، ومن خلال ما عُرف بـ"مشروع النجوم"، بتوطين أكثر من مليون يهودي في القدس المحتلة حتى نهاية عام 2020م.
بالأمس كان تهويد حي باب المغاربة وباب العمود ثم وادي الحلوة والحوض المقدس وكلها أحياء ملاصقة للمسجد الأقصى، إنما يدل على أن ما تقوم به سلطات الاحتلال من تهويد متسارع للبلدات والأحياء القديمة يقترب من المسجد الأقصى شيئا فشيئا حتى يتم تهويده كلية وبسط سيطرتها عليه وعلى المدينة المقدسة وفراغها من سكانها حتى لا يبقى شيء للعرب في المدينة، لذا يجب التسريع بوضع استراتيجية دفاع وطنية للدفاع عن القدس تشارك فيها جميع القوى الفلسطينية، كما لا بد للجامعة العربية أن تلعب دورا في كبح جماع تهويد المدينة المقدسة واستغلال فرصة انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة المرتقب مستندة على قرارات يونسكو والإسكوا التي أقرت بعدم ملكية اليهود لهذه الأماكن ولإصدار قرار أممي حازم بوقف الاستيطان والتهويد في مدينة القدس.