أظهر استطلاع رأي أن أكثر من رُبع اليهود البالغين في الكيان الإسرائيلي يدرسون إمكانية الهجرة، في حين أفاد 6% من اليهود أنهم بدؤوا في العمل في هذا الاتجاه وتنفيذ إجراءات نحو الهجرة؛ أي نحو مليوني يهودي داخل الكيان يدرسون احتمال الهجرة.
الاستطلاع الذي نشرته الإذاعة العامة الإسرائيلية "كان"، الأحد، أكد أن الأوضاع الداخلية في الكيان الإسرائيلي تمثل الدافع الرئيس للهجرة لأغلب المستطلعين، خصوصًا مع تنامي قوة الحريديم (المتدينين).
أغلب الراغبين في الهجرة هم من أحزاب اليسار والوسط، في حين ذهب آخرون إلى تبرير الهجرة بعجز الساسة عن الوصول إلى حلول تفاوضية حول قانون إصلاح القضاء، ما يؤكد عمق الشرخ داخل المجتمع الصهيوني المحتل لأرض فلسطين، وتراجع الثقة بالنظام السياسي.
الانقسام بات خارج السيطرة مع نخب سياسية متصارعة فيما بينها، وعاجزة في الآن ذاته أمام القوى اليمينية المتشددة على طرفي الانقسام العلماني والديني.
الأزمة المجتمعية والنخبوية داخل الكيان تحولت إلى أزمة سياسية مزمنة، بتكلفة اقتصادية متزايدة، بعد أن كشفت التقديرات لشهر فبراير/ شباط عن سحب شركات التكنولوجيا الفائقة أكثر من 9 مليارات دولار من حساباتها في الكيان، وهو رقم مرشح للارتفاع بعد نقل العديد من الشركات نشاطها خارج الكيان، وتشجيعها موظفيها على الانتقال إلى أفرعها في الخارج؛ فالنزيف الديموغرافي المتوقع يقترن برؤوس الأموال والشركات عالية التقنية من الكيان الإسرائيلي؛ ما يعطي الحراك الديموغرافي معانٍ سياسية واقتصادية واجتماعية.
الأرقام لا تكذب، فالشرخ الاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي يدفع أفراداً من الطبقة المتوسطة عالية الدخل وعالية المهارة للتفكير بجدية بالهجرة إلى جانب مجموعات ليبرالية تقف في أقصى يسار المجتمع الصهيوني، وهي تقدر -بحسب الاستطلاع- بأكثر من مليونين من أصل 7 ملايين ونصف المليون نسمة.
الفشل مؤسسي وسياسي؛ فالإحصاءات تشير إلى تراجع الهجرة اليهودية إلى فلسطين المحتلة في مقابل ارتفاع معدل المغادرين من الأراضي المحتلة عامي 2022 و2021 عبرت عنه ما تسمى "وزارة الهجرة والاستيعاب" الإسرائيلية بفشلها وقف التراجع في معدل الهجرة من فرنسا وضعف فاعلية الهجرة من أوكرانيا، التي حولت الكيان إلى محطة انتقال لأوروبا وأمريكا وكندا واستراليا، إلى جانب صعوبات كبيرة واجهها نشاط الوكالة اليهودية في روسيا أفضى إلى إغلاقها عام 2022.
ختامًا، الأرقام مرشحة للارتفاع في حال توسع المواجهات بين الكيان الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، فالمواجهات المتوقعة في الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة ستحول النوايا إلى أفعال لدى العديد من المستطلعين اليهود في حال اندلاع مواجهات واسعة مع الفلسطينيين، بالتزامن مع الانقسام المجتمعي والسياسي داخل الكيان .