فلسطين أون لاين

ملف اليمن ولبنان في ضوء المصالحة

ما يزال اتفاق عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران بالرعاية الصينية، موضوعًا للنقاشات الحوارية في وسائل الإعلام ومراكز البحث السياسي، ومن الأسئلة المطروحة قولهم: كيف استطاعت الصين أن تنجح في هذا الملف الذي مضى عليه سبع سنوات عجاف دون حلّ؟ وسؤال آخر حول الصين نفسها وهل قررت قياداتها الانخراط في المشاكل الإقليمية والدولية بحثًا وحلًا، بعد عزوفها المديد عن القيام بهذا الدور؟ ومنها سؤال حول تأثير ملف عودة العلاقات على مجموعة من القضايا العربية منها الملف اليمني، واللبناني، والسوري، والعراقي، وعلى ملفي الخليج والبحر الأحمر، ثم على الاقتصاد والتجارة بين البلدين، والشئون الداخلية والسلاح.

وهنا أودّ أن أقف عند مجموعة الملفات العربية التي تتأثر لا محالة بعودة العلاقات بين البلدين، ومن هذه الملفات ملف الحرب والصراع في اليمن، فالمملكة تريد أن تنتهي هذه الحرب في أقرب فرصة ممكنة دون أن تتأثر مصالحها مع اليمن سلبيًا، وهي ترغب أن تتوقف إيران عن تصدير السلاح للحوثي، وفي موازاة ذلك تتعاون الدولتان في إجراء مصالحة يمنية يمنية، وإحداث شراكة مستقرة في الحكم، هذا الملف له أولوية اهتمام عند الطرفين، ومرشح لحراك نشط، والنجاح في حلّ المسألة اليمنية هو اختبار عملي لملف المصالحة السعودية الإيرانية، وفي ظني أن الصين ستبذل جهودها في رعاية هذا الملف.

ومن هذه الملفات أيضًا ملف لبنان الذي يبدو عاجزًا لأسباب داخلية عن اختيار رئيس الدولة، ولما كانت للسعودية كلمة مسموعة في لبنان بين الأحزاب السنية وبعض المسيحيين، ولإيران كلمة مسموعة عند الأحزاب الشيعية وبعض المسيحيين، فمن المرجح أن تتوافق الدولتان على مساعدة لبنان في اختيار رئيس الدولة، ومن ثمَّ تكون إيران والمملكة ممن يذللون العقبات، وممن يقدمون رعاية للاقتصاد اللبناني، وهذا ربما ينهي حالة الصراع الإعلامي بين حزب الله والمملكة.

إن النجاح في معالجة هذين الملفين كافٍ للدلالة على سياسة جديدة للبلدين أحدهما تجاه الآخر، ولكن يبدو أن الملف السوري مؤجل في هذه المرحلة، لتعقيدات الملف ولوجود أطراف أخرى في سوريا، منها روسيا، وأميركا، والكرد، وتركيا، وإسرائيل .

إن الملف السوري أكبر من قدرة البلدين وأوسع، وما يزال الأسد معارضًا للتوجهات السعودية في الحلّ، والسعودية لا تريد أن تغرق في الملف السوري وحدها، الذي هو ملف لجامعة الدول العربية أيضًا، والسعودية تفضل دعم دور الجامعة العربية فيه.

المصالحة الإيرانية السعودية تمَّت، والعلاقات الدبلوماسية قيد الإعادة، ولكن فوائد المصالح وتأثيراتها في الملفات الأخرى تحتاج لوقت ولجهود الطرفين، ولمناخ مساعد على النجاح والتوافق، ولما كانت (إسرائيل) متضررة من هذه المصالحة فهي ستعمل على إحباط أي تقدم في الملفات الأخرى.