بعد عملية حوارة البطولية التي نفذها الشهيد القسامي عبد الفتاح خروشة وقُتل فيها اثنان من المستوطنين بإطلاق النار عليهما داخل سيارتهما ردًا على مجزرة الاحتلال في نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، جاءت (عملية ديزنغوف) بمدينة "تل أبيب"، التي نفذها الشهيد القسامي المعتز بالله صلاح الخواجا مساء الخميس، وأسفرت عن إصابة 5 مستوطنين بجراح بعضها بالغة الخطورة، ردًا على استمرار جرائم الاحتلال في جنين ونابلس، واللافت أن حركة حماس وكتائب القسام تبنت وبإعلان واضح هذه العمليات، وأن كلًا من الشهيدين في عمليتي "حوارة وديزنغوف" هم من أبناء كتائب القسام، هذا التبني الواضح والإعلان عن المسؤولية المباشرة عن هذه العمليات، هو أكبر تحدٍ للاحتلال، وهو تمهيد للدخول في مرحلة متقدمة من المواجهة مع العدو.
ويدرك العدو الصهيوني أن إعلان حركة حماس وجناحها المسلح (كتائب القسام) المسؤولية المباشرة عن هذه العمليات، وتبنيها الشهداء هو تطور خطِر في مسار المواجهة، وهو رفع سقف النار من الحركة والتمهيد للدخول في مواجهة شاملة ومباشرة، بعد أن كانت الحركة تفضل عدم الإعلان عن أي عملية في الضفة بالرغم من وقوفها خلف عشرات العمليات التي نفذت في الضفة الغربية والقدس مؤخرًا، وهذا بدوره يضع الاحتلال أمام خيارات صعبة بعد أن كان يسوِّق لجبهته الداخلية بأن هذه العمليات فردية وغير منظمة، ويمكن القضاء عليها بمجرد تصفية عدد من الكوادر والناشطين في الضفة الغربية والقدس ليتفاجأ بهذا التحدي الجديد.
لكن من المهم الوقوف عند دلالات هذا التطور وتحليل طبيعة الرسائل التي تريد الحركة وجناحها العسكري إيصالها لكلًا من: العدو الصهيوني والأطراف المعنية بالهدوء في المنطقة وفق ما يلي:
أولًا: أن الحركة تتحدى الاحتلال وترفع سقف النار وتلوح له بمرحلة صعبة سيكون طليعتها عشرات العمليات المنظمة التي ستضرب جميع الأماكن الحيوية داخل كيانه، وأنها جاهزة لأبعد من ذلك حتى لو أمتدت المواجهة لخارج الضفة الغربية والقدس، وأن تهديدات الاحتلال للحركة لن تردعها عن دعم وتوجيه العمليات المستمرة في الضفة والقدس.
ثانيًا: أن الحركة دخلت في مرحلة جديدة وانتقلت لمسار مختلف من المواجهة مع العدو، وأنها لن تتردد في الاعلان عن عملياتها، لأن الحركة أصبحت قادرة على رفع وتيرة العمليات وتوجيه ضربات قاسية للعدو بكوادر ونشطاء كتائب القسام في الضفة الغربية، وذلك بعد أن فشل العدو في القضاء على البناء التنظيمي وعجز تمامًا عن تحييد الحركة من الضفة الغربية، ومارس الأكاذيب على جمهوره وقدم لهم إنجازات وهمية.
ثالثًا: إنه لا يمكن السكوت على الجرائم والعدوان في الضفة الغربية والقدس وبقية الأراضي الفلسطينية، وأن الحركة قادرة على تدفيع العدو الثمن واستهداف جنوده ومستوطنيه في جميع المناطق، وأن تهديدات الحركة لها (رصيد وفير) في الميدان، وليست مجرد تصريحات عابرة، فحينما تقول بأن صبرها آخذ بالنفاذ، أو بأن الرد لن يطول، يجب على العدو أن يأخذ هذه التهديدات على محمل الجد.
رابعًا: أن الحركة اليوم أصبحت تتصدر المواجهة، وتمتلك قوة وحضورًا جماهيريًا، وباتت جزءًا من معادلة مهمة في الضفة لا يمكن تجاوزها، أو اقتلاعها، أو القضاء عليها، ويمكنها خلق واقع أمني خطير للغاية في وجه العدو إلى جانب قوى وتشكيلات المقاومة في الضفة، التي تمكنت مجددًا من إعادة ترتيب صفوفها في مناطق الضفة، وبدأت فعليًا في توجيه ضربات قوية للعدو.
خامسًا: هي رسالة لجميع الأطراف المعنية بالهدوء سواء أطراف (إقليمية أو دولية)، إذ تقول الحركة بلسان حالها، عليكم لجم العدو وإلزامه بوقف عدوانه قبل فوات الأوان، وإلا فإن المزيد من العمليات سيكون في الطريق بتوجيه مباشر من الحركة مهما كانت التداعيات، وأن الحركة جاهزة "لأي سيناريو" حتى لو أدى ذلك لمواجهة شاملة مع العدو، وأنه في ظل فقدان الوسطاء للضمانات وعجزهم عن تقديم خطوات ملموسة لوقف العدوان، فإن الضامن الحقيقي لحماية شعبنا هو سلاح المقاومة، الذي سيكون قادرًا على خلق معادلة مختلفة في وجه العدو الإسرائيلي.