في أثناء بحث مجموعة من الفتيان عن كنز في بستان الجد، يدخلون مغارة تل ارميدة القديمة بالخليل، وترجعهم 3000 عام إلى الوراء، ليجدوا أنفسهم وجهًا لوجه مع أجدادهم القدماء. من هنا تبدأ أحداث رواية "مغامرات في تل موريا" إذ يصطدم الفتية في طريق بحثهم عن الكنز بالكثير من المعلومات التاريخية التي يجهلونها.
الرواية للكاتب الفلسطيني والباحث التاريخي د.أحمد الحرباوي من مدينة الخليل، وهي موجّهة للأطفال واليافعين، ما جعلها صوتًا مميزًا في الخريطة الروائيّة الفلسطينية الجديدة.
ويبيّن الحرباوي أن "مغامرات في تل موريا" بُنيت على أبحاث ودراسات علمية تناولت التاريخ وآثار مدينة الخليل، إذ تُغلّف الرواية المعلومات التاريخية بإطار خياليّ مشوّق.
يبيّن الحرباوي لـ"فلسطين" "أن الرواية مصورة للأطفال واليافعين، ومبنية على دراسات علمية وأركيولوجية موجهة لفهم مركبات الهوية الفلسطينية في مدينة الخليل.
ويوضح أنه بعد سنوات من العمل في الأبحاث العلمية عن المواقع الأثرية في الخليل منذ عام 2017م، ارتأى تقديم رواية فيها نوعٌ من الفنتازيا الخيالية لتاريخ فلسطين ضمن رؤية علمية.
واستعان الحرباوي بأصدقاء له أجانب مختصين بعلم الآثار، ولديهم الخبرة الكافية في قراءة النقوش قراءةً علمية تختلف عما كتبه الإسرائيليون والمستشرقون عن تلك النقوش، والرواية تقدم الحقيقة التاريخية كما هي، وتدحض كذبهم.
يذكر أنه استعان بالعديد من الباحثين العرب، كخزعل الماجدي وهو مُتخصّص في علم وتاريخ الأديان والحضارات القديمة في العراق، وساعده في قراءة نقوش تل ارميدة.
تأطير الوعي
وعن سبب تسمية الرواية بـ"مغامرات في تل موريا"، يجيب الحرباوي: "موريا هي أقدم نقوش وجدت في فلسطين، واللغة الأمورية الكنعانية القديمة اكتشفت في تل ارميدة غرب المسجد الإبراهيمي".
ويشير إلى أنه قبل البدء بكتابة الرواية اصطحب مجموعة من الأطفال برحلة استكشافية لتل ارميدة، حيث زاروا عدة مواقع أثرية فيه، ككنيسة المسكوبية.
ويلفت د.الحرباوي إلى أن هذه الزيارات تمت لمعرفة طريقة تفكير الأطفال واليافعين لتركيب النص حسب استيعابهم، ومعرفة محددات الوعي لديهم، وتأكيد الهوية الفلسطينية بأن كل شيء موجود على هذه الأرض هو لفلسطين.
وشدد على أهمية الروايات الخيالية التي تقدم معلومات تاريخية وعلمية واقعية، لمواجهة الرواية الإسرائيلية المزيفة.
وينبه د.الحرباوي إلى أن الروايات ليست منتجًا فنيًا خياليًّا للمتعة فقط، وهي مسؤولية ثقافية تُبنى في الأساس على نظريات اجتماعية، وسيكولوجية.
ويختم حديثه: "الرواية تقدم خطابًا يلامس شغف الأطفال واليافعين، إذ تُوضع المعلومة بطريقة خيالية لتقريب الفكرة، ويتعرفون إلى الثقافة والتاريخ الفلسطيني لمواجهة التزوير الإسرائيلي لتاريخ المدينة".
من أجواء الرواية
تشتد أحداث الرواية إثارة عندما يرى "فادي" جرة الفخار، فيتذكر الفتية أن عليهم البحث عن الخريطة، لكن دهشتهم جعلتهم مشتتين، في أثناء ذهولهم الكبير تقترب قطة شقراء اللون من "زينة" وكأنها تريد أن تخبرها شيئًا ما، تمدُّ "خلود" الصغيرة يدها نحو القطة وتتحسس شعرها اللامع، إلا أن القطة مشت باتجاه جرة الفخار الكبيرة في ركن الساحة، وقفزت فوقها مرتين متتاليتين قبل أن تتجه إلى زقاق في الجهة الغربية.
تدرك "ليان" أن تلك إشارة ما ويجب عليهم اتباعها، فتنبّه الجميع إلى ذلك فيسيرون خلفها بين البيوت المتلاصقة، حتى تصل بهم إلى أعلى تلة يتجمهر الناس أمامها، أشخاص بلحى وشعر طويل يلبسون الأبيض ويحملون في أيديهم حجرًا ضخمًا منقوشة عليه نجمة سداسية، رفعوه فوق الأحجار في ساحة مكشوفة فيها نصب حجري.
يخاطب فيصل زينة:
- انظري هذه النجمة التي يضعها الإسرائيليون على العلم الخاص بهم.
فترد ليان:
- هل دخلنا بالخطأ إلى المستوطنة اليهودية في التل؟
لم تملك زينة أي إجابة عن تلك الأسئلة، لكنها عرفت أن تلك النجمة لا تمت للمستعمرين بأي صلة، ابتسمت واكتفت بالتحديق لما يحصل أمام عينيها، وفجأة ترتفع أصوات الناس ويبدؤون بالصراخ: عشتاروت، عشتاروت، عشتاروت، ويشيرون بأيديهم إلى نجمة في السماء بدت واضحة المعالم في النهار، وبدؤوا بالتهليل والغناء بلغة غير مفهومة.
اسم "عشتاروت أو عشتار"، لم يكن غريبًا على فادي فقد سبق أن سمعه في درس التاريخ، إنه اسم لأحد الآلهة القديمة، وهو مرتبط بكوكب الزهرة في السماء والنجمة السداسية ترمز لها، وليس له علاقة بدولة الاحتلال التي سرقت النجمة ونسبتها إليها.