فلسطين أون لاين

"ريا موسى" تدمج الفن والعمارة في لوحات فسيفسائية

...
غزة/ هدى الدلو:

تُمضي الشابة ريا موسى وفريقها ساعات في تصميم لوحات فسيفسائية من الحجارة الطبيعية والزجاج والخزف والصدف بعد تقسيمها إلى قطع مكعبة صغيرة.

بدأت رحلة موسى مع هذا العمل في أثناء دراستها الهندسة المعمارية التي أثارت شغفها عندما شاهدت في زيارات ميدانية دقة وجمال العمل الفسيفسائي في عملها على مشروع تخرجها، لتأهيل موقع أثري محيط بمنطقة تلة "أم عامر" في منطقة الزوايدة وسط قطاع غزة، وهو إنتاج تصاميم ولوحات فسيفساء طورته إلى مشروع لإنشاء فسيفساء تدمج فيه بين الفن والعمارة.

تقول موسى لصحيفة "فلسطين": "أتاح لي مشروع التخرج الذي اخترت فكرته بعناية وعن شغف فرصة للتدريب في برنامج بناء قدرات تابع للإغاثة الأولية الدولية والعمل في الموقع، وبعد عامين من التعليم والتدريب على صيانة وترميم الآثار وكيفية التعامل معها عمليًّا ومباشرًا، لفتني حينها فن الفسيفساء أكثر، الذي لاحظت وجوده في أكثر المواقع الأثرية، فقررت حينها التعمق فيه، والعمل عليه عملًا متخصصًا".

وفن الفسيفساء تعود أصوله إلى العراق، فأول لوحة وجدت كانت من أصل سومريّ، والفسيفساء تعني تكوين لوحة من قطع مربعة الشكل والرسم من خلالها.

وفي هذا الجانب توضح الشابة العشرينية أن الفسيفساء فن وحرفة، فهي تصنع المكعبات الصغيرة وتستعملها في زخرفة وتزيين الفراغات الأرضية والجدارية بتثبيتها بالبلاط فوق الأسطح الناعمة وتشكيل التصاميم المتنوعة ذات الألوان المختلفة.

وتستخدم موسى لإنتاج الفسيفساء الحجارة الطبيعية والزجاج والخزف والصدف، إذ ترصُّ مع زملائها قطع الحجر الصغيرة بطريقة شديدة الدقة، لتصنع منها في النهاية لوحة فنية بديعة.

وتلفت إلى أن المشروع في بدايته كان تصميم لوحات صغيرة، وبعد حصولها على جائزة التعاون للشباب الريادي عام 2022، أتيحت لها الفرصة لتطوير المشروع على نطاق أوسع، وأصبح تنفيذ اللوحات وقطع الأثاث والتصاميم المعمارية دمجًا بين مشروعها وما درسته. 

وترى موسى أن أصل الهندسة فنّ مرتبط ببقيّة الفنون، ففي مشروعها حرصت على أن تكون الفسيفساء جزءًا من عناصر التصميم المعماري، إذ تعمل على التصميم الهندسي، وتضيف له لوحة الفسيفساء. 

ولا تجهّز موسى اللوحة عشوائيًا، إذ يعمل برفقتها فريق مكوّن من فنانين تشكيليين ومهندسين معماريين وديكور.

صناعة الفسيفساء

وتمرُّ صناعة لوحة الفسيفساء بمراحل يتقاطع فيها عمل الفريق، الأولى نظريًا، تتضمن تحديد المادة المستخدمة في صناعة اللوحة، وتحديد الألوان واختيار خطوط العمل لتكون قابلةً للتنفيذ، وتليها خطوة تحليل العمل إلى مسارات تُركّب فيها القطع المختارة.

أمّا في المرحلة العملية فيكون تنفيذ التصميم بتقطيع المواد الخام المختارة لصناعة لوحة الفسيفساء وتنفيذها إذ تستغرق العملية أيامًا، وتأخذ موسى بعين الاعتبار أن يكون حجم العمل متناسبًا مع التصميم.

ولإنجاز العمل تحتاج لأدوات "الكمّاشات" لقطع الحجارة وأخرى مخصصة لقصّ الزجاج والخزف التي تتطلب استيرادها من الخارج، إلى جانب مواد خام أخرى غير متاحة في أسواق قطاع غزة، وكان ذلك من أبرز التحديات التي واجهتها في بداية المشروع.

وتضيف: "اضطررت لتأخير البدء في المشروع حتى أصبحت الأدوات بين يديّ، ومن التحديات التي واجهتني أيضًا جهل الكثيرين بهذا النوع من الفن؛ فاستغرقت وقتًا في تعريف الناس بالفسيفساء وقيمتها المعنوية والمادية".

ويهدف المشروع إلى إحياء التراث الفلسطيني بدمجه في لوحات الفسيفساء، عبر الألوان التي تُبرز الهوية الفلسطينية لعرضها بصورة جديدة بغرض ترسيخها في الذاكرة.

وتحلم موسى بأن تجوب لوحاتها الفسيفسائية العالم، وتحقيق الهدف الأساسي للمشروع بالحفاظ على تفردها وقيمتها بصفتها إنسانة منفردة بذاتها، ضمن مجتمع تنتمي إليه يعبر عنها، مشيرة إلى أن الفسيفساء تحمل الفكرة ذاتها، فالقطعة الواحدة بذاتها مميزة لا تكتمل قيمتها إلّا بوضعها في لوحة كبيرة متكاملة.

المصدر / فلسطين أون لاين