تقوم البلديات عادة بتلزيم الأسواق العامة والشعبية لمتعهدين يجمعون ما دفعوه للبلدية وأرباحهم من التجار والعربات والبسطات المقامة على أرض السوق موضوع التلزيم، لا يعترض أحد على هذا، فهو من أعمال البلديات التي يقرّها العرف، وتقرّها وزارة الحكم المحلي الرأس المشرف على البلديات، والمتابعة لأعمالها.
يقولون الشيء بالشيء يذكر، فهل الحكم المحلي على دراية بأن بعض البلديات تتجاوز العرف، والقانون، وتقوم بتأجير أرصفة الشارع لأصحاب المحلات، أو لأصحاب البسطات؟ الرصيف عادة هو للمشاة، ولا سيما في الشوارع الرئيسة ذات السيارات المتدفقة ذهابًا وإيابًا، هذه الحقيقة الإنشائية، أعني أرصفة المشاة، ليس لها وجود في مناطق مختلفة من قطاعنا الحبيب، ويكفي هنا أن أذكر نموذجين:
الأول/ من نفوذ بلدية الزهراء حرسها الله، فقد قدر لي يومًا أن أنقل محاميًا صديقًا إلى قصر العدل، فوقفت بسياراتي على الرصيف الترابي مقابل قصر العدل، انتظر عودة المحامي، فجاءني رجل طويل القامة عريض المنكبين، وبيده دفتر تذاكر، كل تذكرة بقيمة شيقلين، فناولني واحدة فتأملتها فلم أجد بها صيغة رسمية تخوله أخذ الشقلين، لأني واقف على رصيف الشارع الترابي، وهو لم يقدم لي خدمة لا من شمس، ولا من حرّ، ولا من برد، وبينما أجادله في مشروعية ذلك جاء المحامي وقال: أعطه، هو مستأجر الرصيف من البلدية! وهنا أقول: إن كان هذا حقًا فيجدر بالبلدية أن تزوده بدفتر تذاكر مروس بوسم البلدية بناء على المادة كذا كذا، من قانون الحكم المحلي، حتى لا يتشاكل الناس مع حامل التذاكر!
والثاني/ يوجد في شارع النصيرات من مركز الشارع حيث الدائرة، أو قل مؤخرًا من الهايبر مول، وحتى مسجد الشهداء الموصل إلى عمر المختار ازدحام سيارات شديد وثقيل الوطأة على السائقين وعلى المواطنيين، ولا توجد أرصفة للمشاة، لأن أصحاب المحلات والبسطات يحتلونها، ويحتلون بما يعرضونه نسبة (٢٠-٤٠) من إسفلت المواصلات، وبعض العربات المجرورة تحتل جزءًا من الإسفلت، وعلى السادة المشاة أن يمشوا على الإسفلت المخصص للسيارات.
صور الازدحام الشديد في هذه المنطقة ذكرتني بشارع رمسيس بمصر قبل بناء الكباري، التي قدمت حلًا لشارع رمسيس، المؤسف أن السائق يسب على البلدية وعلى الشرطة، والمشاة يسبون على السائقين، والمدهش أن أحد المشاة طلب من صاحب بسطة إبعاد بسطته قليلًا، فرفض، وقال أن دافع أجرة للبلدية، وهنا قمت بسؤال بعض ممن يعملون في البلدية، هل حقًا تؤجر البلدية الأرصفة للمحلات وللبسطات! فقال ليس كذلك، البلدية تؤجر للمتعهد، والمتعهد يؤجر الناس، قلت: على طريقة وين دانك يا جحا! ثم قال: مشكلة الرصيف عندنا عويصة، ولا حلّ لها حتى تقوم الساعة! فهل حقًا، والكلام للحكم المحلي والبلدية، لا يوجد حلّ حتى تقوم الساعة! أم ستكذب البلدية هذا المتشائم، وتحلّ المشكلة قبل قيام الساعة؟ انتظروا يرحمكم الله.