"ستظل القدس دومًا مركزًا للصراع الكوني وليس في القدس مكان للضعفاء"؛ كلمات قالها يومًا الشهيد الدكتور إبراهيم المقادمة، الذي يعد من أوائل مؤسسي الجهاز العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ومن جنرالات العمل العسكري قبل أن ينتقل للعمل السياسي والدعوي.
لا يزال صدى هذه العبارة يتردّد في آذان الفلسطينيين، إذ إن محاولات تهويد القدس المحتلة لا تزال قائمة، ومنها اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالمدينة "عاصمة" مزعومة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
وُلد المقادمة عام 1950 في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، الذي هاجرت إليه عائلته من بلدة بيت دراس، ثم انتقل إلى العيش في مخيم البريج وسط القطاع، وقد تلقى تعليمه الأساسي في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، في المخيم.
من الطلاب النابغين
المقادمة كان من الطلاب النابغين، وحصل في الثانوية العامة على درجة عالية، وفي عام 1968 التحق بكلية طب الأسنان في إحدى الجامعات المصرية وتخرج منها طبيبًا للأسنان.
عمل المقادمة طبيباً للأسنان في مستشفى الشفاء بغزة، ثم حصل على دورات في التصوير الإشعاعي وأصبح أخصائي أشعة.
اقرأ أيضًا: 17 عامًا على اغتيال رجل الجهاد والدعوة
وألّف المقادمة كتبًا عدّة ودراسات في الأمن، منها: معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين، وأصدر دراسة حول الوضع السكاني في فلسطين بعنوان "الصراع السكاني في فلسطين".
سجون السلطة
وتعرّض إلى الفصل من وزارة الصحة الفلسطينية بعد اعتقاله في سجون السلطة، وعمل طبيبًا للأسنان في الجامعة الإسلامية بغزة.
وكان المقادمة يعارض اتفاق "أوسلو" الموقع بين منظمة التحرير والاحتلال الإسرائيلي سنة 1993 بشدّة، كما كان يرى أن المقاومة هي السبيل الوحيد للاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية.
واعتقلت السلطة المقادمة عام 1996 "بتهمة" تأسيس جهاز عسكري سري لحركة حماس في غزة، وأطلقت سراحه بعد ثلاث سنوات من الاعتقال.
أحد قادة الحركة
وكان المقادمة انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين في سنوات شبابه الأولى، وبعد أن أنهى دراسته الجامعية وعاد إلى قطاع غزة أصبح أحد قادة الحركة، وكان من المقربين من مؤسس حماس الشيخ الشهيد أحمد ياسين.
ووفقًا للموقع الإلكتروني لـ"حماس"، شكّل المقادمة النواة الأولى للجهاز العسكري الخاص بالإخوان المسلمين في قطاع غزة "مجد" هو وعدد من قادة الإخوان، وعمل على إمداد المقاتلين بالأسلحة، وفي عام 1984 اعتقل للمرة الأولى بتهمة الحصول على أسلحة وإنشاء جهاز عسكري، وحُكم عليه بالسجن ثماني سنوات قضاها في سجون الاحتلال.
وكان المقادمة- متزوج وله سبعة من الأبناء- قليل الظهور أمام وسائل الإعلام، وقد استخدم أساليب مختلفة في التنكر والتمويه عبر تغيير الملابس والسيارات التي كان يستقلها، وكذلك تغيير الطرق التي كان يسلكها، حتى عرف عنه أنه كان يقوم باستبدال السيارة في الرحلة الواحدة أكثر من مرة.
خمسة صواريخ
وفي الثامن من آذار/مارس 2003 أطلقت قوات الاحتلال خمسة صواريخ تجاه سيارة المقادمة التي كانت تسير في شارع اللبابيدي وسط مدينة غزة، ما أدّى إلى استشهاده وثلاثة من مرافقيه وإصابة عدد من المارة وطلاب المدارس بجراح.
لكن سيرة المقادمة، ودفاعه عن وطنه في وجه الاحتلال الإسرائيلي، لا تزال حاضرة في أذهان الفلسطينيين، الذين يواصلون مقاومتهم لإنهاء هذا الاحتلال، والذي وصفه يومًا من الأيام بأنه نووي حركة حماس لما يتمتع من فكر ورؤية نموذجية استراتيجية.