فلسطين أون لاين

تقرير أطفال "رأس التين" يكافحون التهجير القسري تحت الصفيح

...
أطفال "رأس التين" يكافحون التهجير القسري تحت الصفيح
رام الله-غزة/ مريم الشوبكي:

يعيش طلاب مدرسة رأس التين التي تقع بين السفوح الشرقية لجبال رام الله، حالة من الترقب والخوف من تنفيذ قوات الاحتلال الإسرائيلي قرار الهدم لمدرستهم الوحيدة في أي لحظة، وعودتهم إلى السير مسافات تتعدى ثمانية كيلومترات للوصول إلى أقرب مدرسة لديهم.

وتضم المدرسة أطفال التجمع البدوي رأس التين وبعضًا من التجمعات البدوية القريبة من المنطقة، الذين يواجهون خطر التهجير إلى مناطق أخرى قريبة من المدارس، أو التسرب من الدراسة في حال تم هدم مدرستهم التي تعد المتنفس الوحيد لهم في ظل الخطر المحدق بهم من جميع الاتجاهات حيث تقع بين مستوطنتين.

استفزازات لترحيلهم

ومنذ وضع اللبنة الأولى للمدرسة بعد تبرع أحد الفلسطينيين بأرضه لمصلحة بنائها في عام 2020م، بدأت "رأس التين" معركتها مع جيش الاحتلال الذي اقتحم المنطقة وهاجم عمال البناء، وصادر المعدات، والحجارة، بزعم أن الأرض تقع في منطقة "ج" الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، ويحظر فيها البناء لأي غرض كان.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل يواصل الاحتلال اقتحام المدرسة في أي وقت، إذ تقول مديرة المدرسة نورا الأزهري: "منذ اللحظة الأولى لبناء المدرسة صادر جنود الاحتلال ألواح الصفيح التي تستخدم لسقف المدرسة ثلاث مرات، وصادر عدة أطنان من الإسمنت، وكميات كبيرة من الطوب، وصولاً إلى مقاعد وكراسي الطلبة".

وتتابع الأزهري لـ"فلسطين": "في إحدى المرات هدم الاحتلال دورة المياه للطلبة، وحينما أرادت المدرسة إصلاحها منعنا من ذلك، وإلى اليوم هناك دورة مياه واحدة. حتى أن عمال البناء منعوا من تجهيز رملية أمام المدرسة لكي يلهو بها الطلبة".

وتضم المدرسة التابعة لمديرية التربية والتعليم في بيرزيت، خمس غرفٍ دراسية، يدرسُ فيها نحو 50 طالباً وطالبةً، من الصف الأول الابتدائي حتى العاشر الأساسي، وهيئة إدارية وتدريسية مكونة من 10 أشخاص، يُصرون على استكمال مسيرتهم التعليمية على الرغم من افتقار مدرستهم لمقومات بقائها.

وتبين الأزهري أن المدرسة بنيت من أجل التخفيف على أطفال التجمع البدوي من السير على أقدامهم ذهابًا وإيابًا لمدارس القرى المجاورة وقطع مسافات طويلة تصل لأكثر من 9 كيلومترات، وبعض الأهالي يرفضون إرسال الإناث إليها خوفًا من اعتداء المستوطنين عليهن.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2020، أصدرت سلطات الاحتلال قرارًا يقضي بوقف البناء وهدم المدرسة؛ بزعم "عدم الترخيص"، وتم الاستئناف عليه في محكمة الاحتلال العليا. وصدر قرار ثانٍ في فبراير/ شباط 2022، ومنذ تلك اللحظة تُعقد جلسات في محكمة الاحتلال.

وتوضح الأزهري أن الاحتلال يمنعهم من إقامة أي أنشطة ترفيهية، أو يومية للطلبة بزعم إزعاج المستوطنين الذين يعتدون على الطلبة ويقتحمون المدرسة باستمرار، ويمارسون أفعالًا استفزازية يومية للهيئة التدريسية والطلاب في أثناء الحصص الدراسية. 

وتؤكد أن الأطفال تعلقوا بمدرستهم وبمعلميهم، وباتوا يستمدون الصمود منهم، "فهي أصبحت بمنزلة بيتهم الثاني".

تسريب الطلبة

بدورها، تقول مدرسة اللغة العربية بالمدرسة بيان بعيرات: "المدارس بعيدة للغاية عن منطقة رأس التين، حيث كانوا يضطرون لتحمل مصاعب ومسافات طويلة للوصول إلى مدارس القرى المجاورة، وكانوا يتلقون التعليم مع أعداد كبيرة من الطلبة، أما اليوم فالعدد قليل في الصف ويأخذ كل طالب حقه في العملية التعليمية".

وتضيف بعيرات لـ"فلسطين": "كما لا يوجد رياض أطفال في المنطقة فالمدرسة هي البيئة الصفية الأولى التي يتوجه إليها أطفال التجمع، حيث نبدأ معهم من المراحل الأولى ما قبل المدرسة لتأسيسهم ومن ثم الانتقال للمنهاج ويبذل المعلمون جهدا كبيرا في سبيل تعليم الأطفال، فهم أمانة في أعناقهم".

وتتابع: "كثير من الطلبة باتوا يرفضون الغياب، ويأتون بشوق إلى المدرسة، وحينما علموا بأنها ستهدم أصبحوا خائفين أن نتركهم بقولهم: "أول مرة نشوف مدرسين حنانين علينا".

وتجاهد المدرسات من أجل تنحية أي تشويش من المستوطنين على العملية التعليمية في أثناء قيامهم بأفعال استفزازية بجوار المدرسة، تذكر موقفًا: "في أحد الأيام قام مجموعة من المستوطنين بالدوران حول المدرسة مع تشغيل مكبرات صوت، وهذا الأمر أدخل الرعب في نفوس الطلبة، لذا كنت أبذل جهدي في رفع صوتي وعمل أنشطة للفت انتباه الأطفال".

وعن خطورة الهدم على الأطفال في رأس التين، تجيب بعيرات: "سيؤثر الأمر سلبًيا في نفسية الأطفال، بعد أن تعلقوا في المدرسة والمدرسين، وقسم منهم سيترك الدراسة وسيضطر للعمل مع أهله، وبعضهم سيضطر إلى الرحيل وإخلاء مناطق "ج" للمستوطنين، حتى يتمكنوا من تعليم أبناء في مدارس قريبة منهم".

وتناشد بعيرات المؤسسات الحقوقية مناصرة المدرسة، والتدخل من أجل منع هدمها، فحق التعليم يكفله القانون الدولي لكل الأطفال في العالم في أي منطقة كانوا.