يقول عاموس يادلين تعقيبًا على المسألة القضائية في (إسرائيل) وانقسام المجتمع بين مؤيد ومعارض، وتعدد أشكال المعارضة لدرجة تأثيرها السلبي على قوات الاحتياط، بأن "إسرائيل تتآكل من الداخل".
ما من شك أنه ثمَّ أزمة سياسية وقضائية عميقة في (إسرائيل) الأمر الذي أزعج الكونجرس الأميركي فوقع (83) عضوًا ديمقراطيًا عريضة تطالب بايدن بالتدخل وإلزام نتنياهو بالحوار مع المعارضة، ووقف التعديلات القضائية التي تمس الديمقراطية الإسرائيلية.
لم يلتفت نتنياهو للموقف الأميركي من التعديلات القضائية لأنه يتبنى شخصيًا هذه التعديلات، ويملك في الكنيست أصواتًا كافية لتمريرها، ويرى أنه حين تتم إجراءات الإقرار ينتهي كل شيء، وعلى المعارضة الالتزام بالتشريعات الجديدة، فإن رفضتها تكون قد أجرمت بحق (إسرائيل).
توقعاتي أن التعديلات ستتم بالرغم من المعارضة الداخلية، والمعارضة الأمريكية، ولكن المشكلة لن تنتهي بل ستبقى تتفاعل في مستويات مختلفة، ومن ثم تكون كلمة يادلين تشخيصًا دقيقًا لحالة المجتمع الإسرائيلي في عهد حكومة نتنياهو.
إن قضية تآكل المجتمع الإسرائيلي من داخله قضية تبدو من المسلمات لأنه مجتمع غير متجانس، وبين مكوناته تناقضات دينية وأيديولوجية وحضارية، إنه مجتمع يقوم على تجميع الشتات اليهودي صاحب الثقافات المتعددة والمتباينة، التي لا تقبل الانصهار في بوتقة واحدة عند الإقامة في (إسرائيل).
إن محاولات متعددة بذلتها شخصيات إصلاحية ومثقفة لتعزيز فكرة الانسجام والتكيَّف المجتمعي، باءت بالفشل في (إسرائيل)، وتزايد قوة اليمين واليمين العقدي تعزز هذا الفشل، وتجعل من العقديين أصحاب حقّ توراتي في حكم الدولة، وقد عبّر عن ذلك سيموتريتش، وبن غفير، وهما يذهبان بالحكومة للتعامل مع الضفة، والسكان العرب، تعاملًا دينيًا توراتيًا.
ثمَّ تنازع بين العلمانية والدينية في (إسرائيل)، وثم تباين بين الأحزاب الدينية ذاتها، وهذا التنازع ليس وليد المشكلة القضائية، بل هو سابق عليها، وهو وليد مجتمع غير متجانس في مكوناته، ووليد حالة استعلاء عنصري له مستويات مختلفة، لذا من الطبيعي أن يتآكل مجتمعهم من الداخل، والأزمة القضائية تزيد حدّة هذا التآكل. إن القوة العسكرية، والقوة الاقتصادي، لا تمنعان التآكل الداخلي، ولكنها تؤخر السقوط فقط.