تسابق حكومة المستوطنين الفاشية الزمن لتهويد القدس المحتلة ومحاولة حسم ملف المسجد الأقصى، عبر القفز بخطوات للأمام بعيدًا عن واقعه الحالي، بتوسيع الاقتحام وسيطرتها على المسجد وفرض طقوس تلمودية جديدة، عبر عدة محطات وتواريخ مجدولة تهدد بإشعال نار المواجهة في المنطقة سيكون عنوانها القدس والأقصى.
لدى حكومة المستوطنين ثلاثة مرتكزات أساسية تريد تحقيقها ببرنامجها بالرغم من أن ميزان القوى لا يسمح لها بتحقيقها، تتمثل في حسم مصير الأقصى وتهويده وفرض ما تسمى "شراكة دينية" على الأقل، وثانيًا ضم أراضي "ج" لإنهاء أي إمكانية للحديث عما يسمى "حل الدولتين"، وثالثًا فرض "ترانسفير" بطرد أهالي الـ48 من الداخل المحتل، وفق مُحللين سياسيين.
ورأى الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص أن حكومة الاحتلال تحاول في المدة القادمة إدخال ما يصفه "الإحلال الديني" في الأقصى بأداء طقوس توراتية، عبر ثلاث أولويات، الأولى: بالتقسيم الزماني، والثاني: بالتقسيم المكاني والثالث: التأسيس المعنوي لما يسمى "الهيكل" المزعوم بفرض طقوس توراتية.
وقال ابحيص لصحيفة "فلسطين": إن الاحتلال حدد مواعيد لهذه الخطوات، فالأولى فيما يسمى "الفصح العبري" والذي سيتزامن مع الأسبوع الثالث من رمضان في المدة الواقعة بين 15 – 21 من الشهر الفضيل الموافق (6 – 12 إبريل/ نيسان القادم)، عنوانه فرض "ذبح القربان" بالخارج أو إدخال جزء منه للأقصى.
اقرأ أيضًا: وسما #غضب_الأقصى و#الأقصى_في_خطر يتصدران منصات التواصل
وأضاف: إن "الاحتلال يحاول فرض الطقوس التوراتية داخل الأقصى، بالذات موضوع "الانبطاح أرضًا"، ومحاولة التوسع في فرض السيطرة الإسرائيلية على الأقصى خصوصًا في شهر رمضان".
والمحطة الثانية المرتقبة، وفق ابحيص، تأتي في ذكرى إكمال احتلال القدس وستأتي يوم الجمعة الموافق 19 مايو/ أيار المقبل، وسيتخلله ما تسمى "مسيرة الأعلام" الساعة الرابعة والنصف، معتقدًا أن عنوانها سيكون مواجهة كبرى خاصة أن هذه المسيرة كانت سببًا في اندلاع شرارة معركة "سيف القدس" في مايو/ أيار 2021.
وأشار الباحث في شؤون القدس إلى أن المحطة الثالثة ستأتي في ذكرى ما يسمى "خراب الهيكل" المزعوم الموافق 7 آب/ أغسطس، متممًا: "لسنا أمام تصاعد في الخطاب بقدر خطر حقيقي يحدق بالمسجد الأقصى".
من ناحيته، قال المحلل السياسي المقدسي د. محمد جاد الله: "إننا أمام إعلان حرب ضد الشعب الفلسطيني بالقدس إذا ما أخذنا التهديدات المعلنة من قادة الاحتلال بمعناها المباشر، وهذا أمر خطير وربما يتخلله ارتكاب جرائم بشعة بحق المقدسيين".
وأضاف جاد الله لصحيفة "فلسطين"، أنه "وبالرغم مما يعلنه الاحتلال، فإنه لن يجرؤ على تنفيذ عمليات عسكرية مفتوحة ليس بسبب المجتمع الدولي الذي سيرفضها، ولكن بسبب الجبن الكامن في نفوسهم وخوفهم من ردة فعل الشارع المقدسي المستعد دومًا للتضحية، ويملك مخزونًا كفاحيًا ونضالًا قادرًا على ردع العدوان.
وتمر دولة الاحتلال بأزمة يصنفها جاد الله على أنه "شرخ عمودي" بين جهتين الأولى تسعى للمحافظة على علمانية دولة الاحتلال، والأخرى تريد تطبيق "الشريعة اليهودية" المُحرَّفة بحذافيرها، وهذا الشرخ قد يستمر لأمد طويل، لكن خوفهم ليس من هذه الأزمة، بقدر خشيتهم من انتفاضة الشعب الفلسطيني الذي يحافظ على نفسه ومصيره وهويته.
وفي وقت تسعى حكومة الاحتلال لإشعال حرب دينية، يستبعد جاد الله أن تمتد إلى خارج المنطقة وأنها ستبقى محصورة داخل حدود فلسطين التاريخية، وأن الصراع يعود لمربعه الأول بأنهم دولة احتلال وطارئون على المنطقة.
اقرأ أيضًا: النائب زيدان يدعو لتلبية نداء "الأقصى في خطر" على كافة المستويات
في حين يرى الباحث في شؤون القدس جمال عمرو، أن توجهات حكومة الاحتلال انتقلت من مرحلة الكتمان طيلة عشرات السنين عبر خطوات مجدولة وبصورة سرية، إلى مرحلة الحديث جهارًا من قادة الحكومة الفاشية التلمودية الحالية حول مخططاتهم تجاه إنشاء ما يسمى "جبل الهيكل" المزعوم وتبني سياساتها وأجنداتها الانتخابية على هذا الأساس لإكمال المشروع الصهيوني.
ويعتقد عمرو في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال حقق أربع خطوات بالأقصى، أولها: شرعنة اقتحام الأقصى عبر التمرد على الفتوى الدينية التي كانت تحرم ما يسمى "الصعود للهيكل (المزعوم) بعد التطهر بالبقرة الحمراء" وتجاوز المرحلة بزيادة أعداد المقتحمين ومدة الاقتحام، وما يسمى "السجود الملحمي" والصلوات التلمودية العلنية بعدما كانت بطريقة إيماءات أي الانتقال من الصمت للعلن.
وقال: إن "الاحتلال استخدم طرقًا خبيثة بإدخال قرابين نباتية بعدما فشل بإدخال قرابين حيوانية، إضافة إلى أنهم سيطروا على منطقة مصلى باب الرحمة تقريبًا ويمنعون الأوقاف من الاقتراب منها، ويرفعون علم الاحتلال ويخططون لإعلان الزواج داخل الأقصى".