صدرت حديثًا عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر ترجمة عربيّة لكتاب "لا مستوطن ولا مواطن: صنع أقليات دائمة وتفكيكها"، للبروفيسور المتخصّص في حقل الدراسات ما بعد الاستعمارية محمود ممداني، من أوغندا، بترجمة عبيدة عامر.
وجاء في تقديم ممداني: "هذا الكتاب هو استقصاء عن الحداثة السياسية، بشكليها الاستعماري وما بعد الاستعماري. إنه بحث في جذور العنف المفرط الذي ابتليت به المجتمعات ما بعد الاستعمارية. يسعى الأكاديمي الأوغندي محمود ممداني إلى فهم الاستعمار على أنه صناعة لأقليات دائمة وعلى أنه سعي إلى الحفاظ عليها من خلال تسييس الهوية، ما يؤدي إلى العنف السياسي، وأحيانًا إلى العنف المفرط".
ويضيف: "أما الجانب الآخر وهو التحرر من الاستعمار فإنه تفكيك ديمومة هذه الهويات. يناقش ممداني صناعة الأقليات الدائمة من خلال السرديات التاريخية الموجودة في فصول منفصلة حول الولايات المتحدة والسودان وجنوب أفريقيا وإسرائيل. لكن الكتاب كذلك يقدم ادعاءً معياريًا حول تفكيك هذا الواقع وإلغائه".
ويناقش المؤلف في الفصل الأول، كيف أن تشكيل الجماعة السياسية الأميركية تضمّن تطورين اثنين؛ كان الأول هو اجتماع المستوطنين معًا من أوروبا وأفريقيا؛ وكان الثاني هو التصنيف القانوني للهنود على أنهم أجانب بلا حقوق، على الرغم من إقامتهم في الأراضي الأميركية. نورمبرغ واجتثاث النازية هي محل تركيز الفصل الثاني؛ فيظهر كيف خلّد الحلفاء تشكيل الدولة- الأمة من خلال تجريم النازية بدلًا من النظر إليها كحالة لسياسات ذات بعد قومي.
وفي الفصل الثالث، يوضح المؤلف أن المنهجيات نفسها استخدمت في جنوب إفريقيا، فالمستعمِرون الأوروبيون ناضلوا لقمع التمردات، لكنهم في النهاية دمجوا الأوطان وسلطة السكان الأصليين والقانون العرفي والرقابة، فكان أول الأوطان في جنوب إفريقيا يسمى "المَحميّات".
وخصص المؤلف للسودان، موضوع الفصل الرابع؛ "فقد ميّز المسؤولون البريطانيون المستوطن عن الأصلي ووصفوا العرب بحسب الإثنوغرافيا المضمنة في الحداثة الاستعمارية بأنهم مستوطنون ذوو حضارة، والإفريقيين بأنهم أصليون بلا حضارة".
وفي الفصل الخامس، يقول المؤلف إن اليهود الإسرائيليون استقوا الإلهام من النموذج الأميركي بتعريف وحكم الهنود؛ حيث تعد (إسرائيل) العضوية بالأكثرية القومية هي المفتاح للمواطنة الكاملة – لا الميلاد ولا الإقامة بالأرض المشتركة.
وفي الفصل السادس يرجع المؤلف إلى المقارنة بين النماذج الجنائية والسياسية للفهم والاستجابة للعنف المفرط، مقارنًا وعد النموذج السياسي لكسر دوائر العنف المرتبطة بالانتماءات السياسية.