فلسطين أون لاين

في ورشة عمل نظمتها صحيفة "فلسطين"

قادة فصائل ومحلّلون: جرائم المستوطنين في "حوّارة" إعلان فشل لقمة "العقبة"

...
ورشة عمل نظمتها صحيفة فلسطين حول قمة العقبة (تصوير: رمضان الأغا)
غزة/ يحيى اليعقوبي:
  • علي: قمة "العقبة" هدفت لكسر إرادة الشعب والالتفاف على حقوقه الوطنية
  • قيادي بفتح: الحركة يقودها فريق متنفذ لتأبيد حكم عباس دون مسار سياسي
  • الحاج أحمد: هدفت لتوثيق التعاون الأمني ووأد الانتفاضة والقضاء على المقاومة
  • عوكل: نتائج "العقبة" سقطت بعد أيام قليلة من الإعلان عنها

عدَّ قادة فصائل فلسطينية ومحللون سياسيون مشاركة السلطة في قمة "العقبة" الأمنية بالأردن التي شهدت مشاركة وفود من (إسرائيل)، ومصر، والأردن، وأمريكا، طعنة في خاصرة المقاومة والشعب الفلسطيني، مؤكدين أنها وفّرت شرعية لجرائم الاحتلال، وتقود الصراع لحالة من الاقتتال الداخلي الفلسطيني.

وقال هؤلاء في ورشة عمل نظمتها صحيفة "فلسطين" بمقرها في مدينة غزة، إن: القمة هدفت لكسر إرادة الشعب الفلسطيني، والالتفاف على الحقوق الوطنية، وضمان أمن الاحتلال وعدم اندلاع انتفاضة شعبية ثالثة.

وأكدوا في الورشة التي حملت عنوان "قمة العقبة… مخاطر تتجاوز أبعادها الأمنية"، أن من أهداف قمة العقبة جعل السلطة وكيلًا أمنيًا عن الاحتلال لإنهاء حالة المقاومة المتصاعدة بالضفة لتوفير الهدوء للاحتلال كي يتمكن من توسيع الاستيطان وتهويد القدس المحتلة، وأن نتائج الاجتماع سقطت بعد أيام قليلة من الإعلان، وأن اعتداء المستوطنين على بلدة "حوارة" جنوبي نابلس إعلان فشل للقمة.

ورحب المدير العام لصحيفة فلسطين الصحفي رامي خريس بالمشاركين في الورشة، مؤكدًا أن الصحيفة تعقد ورشات عمل وندوات دورية تتعلق بمستجدات المشهد السياسي الفلسطيني لتداوله مع القيادات الوطنية والكتاب والمحللين السياسيين لنقل المواقف والرؤى المختلفة للرأي العام.

طعنة في خاصرة الشعب

وجدّد القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أسامة الحاج أحمد نفي حركته لتصريحات عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ بأن الفصائل أيّدت المشاركة في قمة العقبة مؤكدًا، أن الشعبية لم تكن جزءًا من اجتماع قيادة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وهي لا تشارك حاليًا باجتماعات اللجنة.

وقال الحاج أحمد: إن "قمة العقبة لم تكن أول قمة أمنية، وأن الشعب الفلسطيني أكد رفضها ودان مشاركة السلطة بها"، عادًا مشاركة "السلطة طعنة في خاصرة المقاومة والشعب الفلسطيني، وإعطاء شرعية لما يرتكبه الاحتلال من جرائم".

وأكد الحاج أحمد أن جزءًا أساسيًا من أهداف القمة الأمنية، يتمثل بتوثيق التعاون الأمني بين الأطراف المشاركة من أجل وأد الانتفاضة والقضاء على ظاهرة عرين الأسود والشباب الثائر في جنين وعدم نقلها لمدن أخرى، وتحويل الصراع لاقتتال داخلي فلسطيني، ما يحتم على الجميع اليقظة.

اقرأ أيضاً: الفصائل تُفنِّد ادعاءات "الشيخ" وتؤكد رفضها المشاركة في "قمة العقبة"

وشدّد القيادي الفلسطيني على أن شعبنا ملتف حول المقاومة وما يحدث بالضفة يمثل استفتاءً يوميًا على المقاومة، وأن جيل الشباب بالضفة الذين عاشوا تجربة اتفاق أوسلو "الفاشل"، يثبتون بمقاومتهم أن الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة وليس المفاوضات.

وذكر الحاج أحمد أن انخراط أبناء الشعب الفلسطيني بأجهزة أمن السلطة لا يعني أنه يمكن القضاء على الحس الوطني الموجود بالفطرة لدى الشعب بالدفاع عن بيته وبلدته ووطنه، وهناك عناصر انخرطوا في المقاومة.

تأبيد حكم عباس

من ناحيته، قال القيادي في "التيار الإصلاحي" لحركة فتح د. أحمد حسني: إن "حركة فتح شهدت تاريخيًا محطات مؤلمة، وإخفاقات حتى اتفاق "أوسلو" كان محل نقدٍ كبير، لكن الفارق ما بين فتح التاريخية والآن، أنها اختطفت من فريق متنفذ يقوده رئيس السلطة محمود عباس، باتجاه ترتيبات أمنية وتأبيد حكمه وعدم وجود مسار سياسي كما كان بالسابق".

وأضاف حسني أن عباس "اخترع" لجنة تنفيذية لمنظمة التحرير شكلها بيده، بعدما غيَّب المجلس الوطني الإطار الرسمي الذي يفترض أن تنبثق عنه اللجنة التنفيذية، وحل محله المجلس المركزي ليكون بديلًا عن الوطني وعقد الاجتماع الذي بموجبه عيّن حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة. 

ولفت إلى أن عباس عطّل المجلس التشريعي عام 2018، وألغى الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في مايو/ أيار 2021 بحجة منع الاحتلال للمقدسيين من التصويت بالرغم من وجود خطوات إبداعية لضمان تصويت المقدسيين، وهيمن على القضاء بالضفة.

وذكر أن عباس يغيب "المجلس الثوري" لفتح الذي يعد برلمان الحركة وكان له دور تاريخ بارز وتولّى قيادته شخصيات مرموقة مثل صلاح خلف.

ونبّه حسني إلى أن الاحتلال يحاول إغراق بعض الشخصيات الفلسطينية في المستنقع الأمني لوضع ترتيبات أمنية تضمن عدم تورطه في عملية "السوق الواقي 2"، لأن وضع وتركيبة الضفة لا تحتمل خوض حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة مغامرات جديدة. 

وشدّد القيادي الفتحاوي على ضرورة تشكيل لجان حماية شعبية في كل القرى والمدن لصد اقتحامات المستوطنين، وتحقيق الوحدة الوطنية، وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير، وألا تبقى المنظمة "عجلًا مقدّسًا" دون إعادة ترتيب وإصلاح، وأن يُعمل على إيجاد صيغة كإنشاء "ائتلاف وطني" مؤقت حتى يتم إصلاح المنظمة.

رفض شعبي

من جهة ثانية، أكد القيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية أيمن علي، أن صورة المواجهات التي جاءت بعد القمة تغني عن مليون كلمة، وأثبتت أن شعبنا يرفض أي تنسيق أمني مع الاحتلال، ويرفض اختزال القضية في حلول أمنية واقتصادية وغياب آفاق الحل السياسي.

وقال علي: إن "القضية بيننا وبين الاحتلال صراع على الأرض والهوية، فتعلم دولة الاحتلال المطلب الفلسطيني، وتعلم أمريكا كذلك، لكن دائمًا تجري محاولات الالتفاف على المشروع الوطني لإعطاء الاحتلال فرصة لتوسيع الاستيطان وتهويد القدس عبر فرض الهدوء، فأمريكا قادرة على الضغط على الاحتلال لوقف انتهاكاته لكنها لا ترغب".

اقرأ أيضاً: تقرير "قمة العقبة".. ضربة جديدة للسلطة وإجهاض للمقاومة في الضفة

وأوضح أن أهداف قمة العقبة تتمثل في كسر إرادة الشعب الفلسطيني والالتفاف على الحقوق الوطنية وضمان أمن الاحتلال وعدم الدخول في حالة انتفاضة مؤكدًا، أن قمة العقبة كما اتفاق أوسلو وجميع الاتفاقات السابقة لم تستطع كسر إرادة الشعب وأن كل المخططات الإسرائيلية تحطّمت أمام صمود المقاومة.    

وبشأن دلالات فشل الاتفاقات السابقة في إنهاء حالة المقاومة، عدَّ اتفاق أوسلو أكبر اتفاق أمني، الذي بموجبه جرى تأجيل قضايا الوضع النهائي لما بعد، فمر نحو 30 عامًا على الاتفاق ولم تفتح ملفات الحدود والمياه، ودليل الفشل أن الجيل الفلسطيني الذي ولد بعد اتفاق أوسلو كان من أكثر الأجيال مقاومة وحضورًا ما يؤكد أن أوسلو فشلت في تدجين الشعب الفلسطيني.

بدوره، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن واحدًا من أبرز أهداف قمة العقبة يتمثل بإلقاء الكرة في الساحة الفلسطينية عبر دفع السلطة للتصادم مع الشارع الفلسطيني بملاحقة المقاومة.

إعلان فشل القمة

ورأى عوكل أن نتائج الاجتماع سقطت بعد أيام قليلة من الإعلان عنها، فما حدث في بلدة "حوارة" جنوبي نابلس التي شهدت اعتداء المستوطنين إعلان فشل للقمة، لأنه لا أحد يمكن أن يغير طبيعة (إسرائيل) الفاشية.

وأشار إلى الضغط الأمريكي على السلطة، وعلى أثره سحبت مشروع قرار يدين الاستيطان في مجلس الأمن، معتقدًا، أن السلطة ذهبت للقمة لأنه ليس لديها خيار آخر.

وقال: إن "هناك شيئًا مهمًا استدعى عقد القمة، وهو اقتراب شهر رمضان، الذي لا توفر فيه دولة الاحتلال الفرصة للشعب الفلسطيني لممارسة العبادة، بالتالي أصبح الشهر يوفر شحنة عالية ودافعًا أقوى بكثير إضافة للشحنة الوطنية لكي يقوم الشباب بأعمال مقاومة، للرد على ممارسات الاحتلال وجرائمه الوحشية".

وحول إن كانت الأمور ذاهبة نحو انتفاضة ثالثة، رأى أن الأمور محكومة للميدان، فالخوف من الانتفاضة أحد أهداف عقد القمة، في ظل وجود حكومة إسرائيلية متطرّفة تضع المجتمع الدولي أمام أخلاقياته وقيمه التي تتميز بازدواجية المعايير.

وأكد أن الشعب هو الذي سيقرّر مصير المرحلة المقبلة، بالتالي خطاب الدولة الفلسطينية المستقلة لم يعد يجدي نفعًا، لأن الواقع يقول: "إما نحن أو هم"، معتقدًا، أن "دمار المشروع الإسرائيلي ليس بعيدًا من حيث الزمن، لأن الشعب الفلسطيني صاحب الكلمة والمنتصر".

وذكر أن إبداع الشعب أعلى من قدرة الجميع على التنبؤ بشكل الانتفاضة، لكن المؤكد أن هناك حربًا شاملة يشنها الاحتلال على كل الحقوق الفلسطينية، يقابلها مقاومة فلسطينية شاملة تتوسع، ووجّهت للاحتلال ضربات كان أكبرها في القدس المحتلة التي يعتقد الاحتلال أنه يفرض سيطرته عليها.