فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

الاحتلال يحوّل نادي "شباب خانيونس" إلى ركام

الإذاعة العبرية: القسّام يعرف المواقع الثّابتة لقواتنا ونجح بالفعل في إيقاع عدد كبير من الإصابات

مسؤول "إسرائيلي" سابق: نتنياهو غير مؤهل لقيادة البلاد وعلينا تنفيذ مطالب حماس لإعادة أسرانا

قطر: المفاوضات في حالة جمود هذه الفترة و"إسرائيل" لم تقدّم توضيحًا بشأن طريقتها لوقف الحرب

الرّشق ردًّا على سوليفان: حماس لم تتخلّف عن أي جولة من جولات المفاوضات و"إسرائيل" هي من كانت تتهرّب

"رفعوا علم الاحتلال وغنّوا نشيدهم".. مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى

لماذا أعدتُّم جنودنا إلى معارك شمال غزة؟ إليكم الصورة "القاتمة" التي يخفيها الإعلام العبري عن "إسرائيل"

"هيومن رايتس ووتش": "إسرائيل" تهاجم منظمات الإغاثة بغزة دون تحذيرات مسبقة وهذه أدلتنا

تفجير منزل وتفخيخ عين نفق.. القسّام تواصل دكّ جنود الاحتلال بمعارك "شرسة" بغزة

8 مجازر خلال 24 ساعة والصحّة تؤكد: لا يزال عدد كبير من الضحايا تحت الأنقاض وفي الطّرقات

وما أدراك ما العقبة

توقفت عند نص بيان الاجتماع الأردني المصري الإسرائيلي الأمريكي الفلسطيني في العقبة يوم 26 من شباط (فبراير) 2023، وحاولت فهم دلالات البيان وبيئته ومفرداته، وسعيت مستخدمًا حدسًا دربته فيما هو أعقد من ظواهر السياسات الباطنية لكي استشرف بعضًا من القادم في الأشهر التالية، ووصلت إلى الآتي:

أولًا: يأتي المؤتمر في لحظة تعرف فيها الأطراف المشاركة قدرًا كبيرًا من "القلق الأمني"، فإسرائيل تعيش واحدة من أشد لحظات الاحتقان الداخلي (اضطرابات الشارع الإسرائيلي، وسيل من التصريحات المتشنجة بين وزراء سابقين ولاحقين ، وعسكريين ومدنيين ، ومتدينين وعلمانيين..الخ) ناهيك عن تصاعد عدم الاستقرار الأمني في الضفة الغربية، وفي الأردن خشية من انعكاس عدم استقرار غربها عليها، في حين هي تردد مع المتنبي "على قلق كأن الريح تحتي"، ومصر التي تخشى أن تتصاعد الأمور فينضم قطاع غزة للمواجهات في الضفة الغربية فتصبح النيران تحت إبطها ، وبعد ذلك قلق أمريكي من أي شاغل دولي يصرف الأنظار عن المسرح الأوكراني لأنها لا ترى في تعدد ساحات المواجهة مع روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية وبعض شقوق جدران التضامن الغربي أي جدوى ، فهي تريد لجم أي توتر جديد...ثم هناك سلطة أوسلو التي سعت جاهدة لمد سلطاتها إلى غزة وإدراجها ضمن التنسيق الأمني فكانت النتيجة أنَّ صهد غزة بدأ يلفح جبهتها فلا بد من طلب النجدة.

ذلك يعني أن الجوهر الأساسي للمؤتمر هو ذو طابع أمني محض، ومحوره بشكل محدد هو منع تجدد الانتفاضة ومساعدة كل القلقين على تجاوز اختناقاتهم الأمنية، وهو ما يتضح في نص البيان عن "خفض التصعيد على الأرض ومنع المزيد من العنف".

ثانيًا:  نص البيان على أن الطرف الفلسطيني والإسرائيلي ملتزمان بكل الاتفاقات السابقة بينهما، وهذا يعني أن إعلان السلطة قبل أيام قليلة عن وقف التنسيق الأمني لم يعد قائمًا، وبهذا نصل للمرة 64 من مرات إلغاء التنسيق الأمني ثم العودة إليه.

ثالثًا: التزم الطرف الإسرائيلي بوقف  "مناقشة إقامة وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 شهور"،  ووقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 شهور، وهنا نسأل أليس بناء المستوطنات لا يتسق مع الاتفاقات بين الطرفين، ولا يتسق مع القانون الدولي لأنه في أرض محتلة بل ولا يتسق مع نصوص أوسلو؟ فلماذا تحديد المدة بين 4-6 أشهر؟ هل هذا يعني أنه بعد مرور هذه الشهور يصبح من حق إسرائيل مناقشة بناء وحدات جديدة بعد 4 شهور وإقرار بؤر استيطانية جديدة بعد 6 شهور؟ ثم ألا يخرجُ هذا النص المستوطنات القائمة فعلًا  من دائرة اللا شرعية ويجعلها شرعية، وإلا ما معنى بؤر " جديدة" أي أن النص لا يشمل القديمة؟ 

رابعًا: يدعو البيان إلى "تعزيز الثقة " بين الطرفين والعمل  على أساس "حسن النية"، وهنا نتساءل: ألا تكفي 28 سنة منذ أوسلو للتدليل على أن إسرائيل لم تفِ بأي اتفاق أو وعد أو التزام شفوي أو مكتوب أو قرار من الأمم المتحدة أو أي منظمة دولية ، أليست إسرائيل هي التي تلقت إدانات دولية تعادل في الأمم المتحدة ثلاثة أضعاف ما تلقته بقية دول العالم من إدانات؟ يبدو في الدبلوماسية العربية المعاصرة أن المؤمن أدمن اللدغ ولم يعد يكتفي بلدغتَين من جحر واحد.

خامسًا: لو طرحنا السؤال التالي : من هو الطرف الأكثر ضعفًا من الذين جلسوا حول مائدة المفاوضات في العقبة؟ إنها سلطة أوسلو وبخلل فاضح  في موازين القوى لغير مصلحة فلسطين، والتفاوض ليس فن الجدل بل هو في معناه العلمي فن توظيف متغيرات القوة لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب، فما هي متغيرات القوة التي تملكها سلطة أوسلو؟ فهي بلا مقاومة، وبلا وحدة وطنية، وبلا قاعدة شعبية مساندة، ومقيّدة وبرغبتها الجامحة بالتزامات بتبعية أجهزتها الأمنية للأجهزة الإسرائيلية عبر التنسيق الأمني.

سادسًا: طبيعة الوفود المشاركة كانت كل الوفود مشكلة من جهات أمنية في جانبها الرئيس، وهو ما يجعل من قيمتها السياسية قيمة محدودة للغاية، فهذه الوفود هي أشبه بمراقب الخط في لعبة كرة القدم، لكن الحكم في داخل الملعب هو صاحب القرار، فهذه في عرف القانون الدولي وفود فنية ذات طابع تنفيذي لا تشريعي، وبالتالي يمكن التحلل من أي نص فيها ، فنص البيان يقول البناء على ما اتفق عليه للوصول إلى "عملية سياسية " تقود إلى تحقيق السلام، أي أن هذا إجراء أمني لا إلزام فيه إلا بالعودة للسلطات صاحبة الاختصاص بخاصة في إسرائيل، ونحن نعلم أن التأجيل والوعود هي لعبة إسرائيلية تقوم على فكرة محددة هي "اصنع واقعًا واجعل خصمك يتفاوض معك من داخل هذا الواقع الذي صنعته"، فإسرائيل فعلت كل ما تريده في قضايا الحل النهائي الأساسية، وما يزال بعض العرب يتحدثون عن قضايا الحل النهائي، أليست القدس من موضوعات الحل النهائي؟ لكن إسرائيل ضمتها، أليست الحدود من قضايا الحل النهائي ؟ لكن إسرائيل ألغت الحدود في صفقة القرن....إلخ

أخيرًا

أجد أن التاريخ العربي المعاصر مع إسرائيل  يذكرني  بسجاح التميمية التي جهزت جيشها لتغزو ديار مسيلمة الكذاب فوقعت في غرامه وتزوجته.