انتهى لقاء العقبة الأمني، وعادات الأطراف إلى بلادها، وصدر بيان ختامي عن اللقاء جاء فيه:" أكدت الحكومة الإسرائيلية، والسلطة الفلسطينية استعدادهما المشترك والتزامهما بالعمل الفوري لوقف الإجراءات الأحادية الجانب مدة 3-6 أشهر، ويشمل ذلك التزامًا إسرائيليًّا بوقف مناقشة إقامة وحدات استيطانية جديدة مدة 4 أشهر، ووقف أي بؤر استيطانية جديدة مدة 6 أشهر، واتفقت الأطراف الخمسة على الاجتماع مجددًا في مدينة شرم الشيخ في مصر، في شهر مارس المقبل، لتحقيق الأهداف المذكورة".
هذا أهم ما في البيان الختامي، وبقراءة النص قراءة تحليلية نسجل الآتي:
١- إن مقاربة البيان لموضوع الاستيطان جاء لصالح (إسرائيل) مائة في المائة، لأن من يقبل بوقف الاستيطان مدة زمنية محددة (3-6)، يعني أنه يقبل بالاستيطان من حيث المبدأ، لأنه لم يشترط وقف الاستيطان وقفًا باتًّا ونهائيًّا، بل قبل بوقفه مدة زمنية، وهذه قمة المأساة في الموقف الفلسطيني، وقمة الخسارة الناتجة عن لقاء العقبة.
الاستيطان في هذه الأشهر سيستمر في المستوطنات التسع التي صادق عليها الكنيست، وفي بناء الوحدات الاستيطانية التي صدرت بها قرارات معلنة، والتوقف الزمني هو عن الجديد من المستوطنات، والبؤر الجديدة فحسب، وعليه لا يمكن لعاقل أن يزعم أن لقاء العقبة خدم الحقوق الفلسطينية، أو حاصر مشاريع الاستيطان الإسرائيلية.
٢- ويلاحظ أن البيان لم يتطرق للمقابل، أي لما يجب أن تقوم به السلطة في هذه المدة الزمنية، إذ من المؤكد أن (لإسرائيل) مطالبًا محددة، وللبيت الأبيض مطالب محددة، فما الأعمال التي ستقوم بها السلطة؟ نعم البيان لم يذكر ما على السلطة القيام به، لأنها أعمال لا يتقبلها الشعب الفلسطيني، وكذا الشعوب العربية، لذا تعد هذه من الفقرات السرية، التي يعرفها الشعب، وإن لم يذكرها البيان.
٣- وزراء حكومة نتنياهو صرحوا بعد انتهاء القمة وصدور البيان الختامي، أنهم لن يوقفوا الاستيطان، ولو يوم واحد، وهذا يعني أن قضية الاستيطان ليست قضية سياسية يمكن التفاوض عليها، ومن ثمة قفز لقاء العقبة عنها موضوعيًّا، وقاربها زمنيا بشكل غير مفيد للفلسطينيين، وهذا يوجب على الفلسطينيين مواجهة الاستيطان بآليات أخرى مفيدة.
٤- إن مدة الأشهر الستة المذكورة في البيان هي مدة الأعمال فيها تكون تحت مراقبة الأطراف المشاركة في لقاء العقبة، لذا من أهم نتائج لقاء العقبة تدشين رقابة على الطرف الفلسطيني، ومحاسبته في لقاء قادم مقرّ سلفًا في شرم الشيخ، قلنا مراقبة الطرف الفلسطيني، لأننا نعلم أن (إسرائيل) لا تقبل رقابة أحد على أفعالها، وطلب الرقابة هذا هو مطلب إسرائيلي أميركي، لإلزام السلطة بما ألزمت به نفسها.
إذا صح ما تقدم فإنه من المرجح حدوث حالات جديدة من التناقضات بين السلطة والفصائل والشعب.
لقاء العقبة كان ولا شك لقاء عمل، لا لقاء سياسة، وعلاقات عامة.
إن ما لم نقرؤه في البيان سوف نقرؤه في الميدان في الأيام القليلة القادمة، وجل ما قيل في إعلام السلطة كذب، ولم يناقش في اللقاء، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.