لم تتوقف محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلية عن استهداف التعليم في مدينة القدس عبر إجراءات متعددة ومختلفة منها تحريف وتغيير المناهج التعليمية الفلسطينية، وفرض نظيرتها الإسرائيلية، فضلًا عن منع تشييد المدارس وإخلاء عدد منها.
وتُخطّط بلدية الاحتلال هذه المرة لدمج مدرستي المولوية والعمرية بالبلدة القديمة بمدرسة واحدة، وإفراغ مدرسة القادسية لإفساح المجال لاستيطانها من المستوطنين.
واعتصم أول من أمس، أهالي ولجنة أولياء الأمور في العمرية والمولوية احتجاجًا على قرار البلدية دمج المدرستين وتفريغ "القادسية".
تجهيل الطلبة
وبنيت مدرسة القادسية أواخر القرن التاسع عشر وخضعت لإدارة الانتداب البريطاني، ومن ثم حُوّلت لمقرٍّ للحكومة الأردنية، وبعد عام 1967م، استولت عليها وزارة المعارف الإسرائيلية، فيما تحاول بلدية الاحتلال السيطرة على المبنى وتحويله إلى متحف ومستوطنة ومركز شرطة للاحتلال، بحسب المتحدث باسم الاتحاد العام باسم لجان أولياء الأمور في القدس رمضان طه.
اقرأ أيضًا: التعليم في القدس.. واقع مزري وسيطرة إسرائيلية لِكيّ عقول الفلسطينيين
وتقع مدرسة القادسية وهي إعدادية وثانوية للبنات، بحارة السعدية المفضية إلى المسجد الأقصى، وغُيّر اسمها ليحمل اسم المؤرخ الفلسطيني خليل السكاكيني للبنات، وقد تخرَّج منها آلاف الطلاب الفلسطينيين، وتضم 28 غرفة صفية وطاقمًا تربويًّا متكاملًا يتكون من 35 موظفًا.
وقال طه لصحيفة "فلسطين"، إنّ المدرسة كانت تضم نحو 500 طالبة وبعد التضييقيات الإسرائيلية وصل العدد إلى 300 طالبة، مبينًا أنّ محاولات الاحتلال لم تتوقف منذ ثلاثة أعوام، للسيطرة عليها لأنّ أسفلها شبكة أنفاق تربط المسجد الأقصى بالمستوطنات المحيطة.
مخططات عنصرية
وأكد طه، أنّ سلطات الاحتلال تعمل منذ أعوام على دمج مدرستي المولوية والعمرية في مدرسة واحدة، وإفراغ القادسية من الطلبة كبداية الطريق لتفريغ القدس من التعليم، والسيطرة على مدارس القدس، ومن ثمّ البلدة القديمة وتهجير سكانها وتنفيذ مخططاتها العنصرية هناك.
وبيَّن أنّ سلطات الاحتلال تُنفّذ خطوات مدروسة وممنهجة وموثقة لإحكام السيطرة على البلدة القديمة، وتفريغ القدس من سكانها الأصليين، وتهجير الطلاب، وتحويل المدارس المقدسية لدائرة المعارف الإسرائيلية.
وعملت سلطات الاحتلال في السنوات الماضية، والقول لطه، على تضييق الخناق على الطلبة وذويهم عبر تحويل المدارس لتبَعيتها ونشر مناهجها العنصرية، وتحريف المنهاج الفلسطيني، ودفع بعض الأهالي والطلبة للتعليم خارج أسوار المدينة المقدسة.
وبيّن أنّ أعضاء الاتحاد والأهالي يعملون باستمرار من أجل إفشال مخططات الاحتلال لاستهداف المدارس الثلاث، محذرًا من تلك المحاولات التي تُمهّد للسيطرة على بقية مدارس القدس.
ودعا السلطة وكل المعنيين لممارسة دورهم والضغط على الاحتلال لإفشال مخططاته الرامية للسيطرة على المدينة المقدسة وتجهيل الطلبة ودفعهم للدراسة في مدارسَ خارج القدس.
وحذّر عضو هيئة العمل الوطني والأهلي في القدس أحمد الصفدي من خطورة الخطوة الإسرائيلية بحقّ المدارس من الناحيتين المجتمعية والسياسية، مشيرًا إلى أنها ستؤدي إلى تفريغ المدارس في البلدة القديمة ودمج الطلبة، ما سيخلق مشكلات بين الأهالي وإغراقهم في الخلافات العائلية.
وقال الصفدي، لصحيفة "فلسطين": "إنّ محاولات سلطات الاحتلال استهداف التعليم في القدس لم يتوقف منذ عام 1967م، وحتى يومنا هذا منها تحريف أو تغيير المناهج التعليمية الفلسطينية، ومنع بناء المدارس أو إضافة فصول دراسية جديدة، وإغلاق المدارس وإلحاقها بالمعارف الإسرائيلية".
وأوضح أنّ الهدف الذي يسعى الاحتلال له من السيطرة على مدرسة القادسية، هو الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك، وتنفيذ مخططاته هناك بهدمه وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه.
وتساءل الناشط المقدسي عصام العباسي، عن "دور السلطة التي تواصل التنسيق والتعاون الأمني مع سلطات الاحتلال، وتتجاهل مدينة القدس ومدارسها".
ودعا العباسي عبر صحيفة "فلسطين" السلطة للعمل من أجل التصدي لسلطات الاحتلال وإفشال مخططاته الرامية للسيطرة على كل ما هو فلسطيني بالقدس، مؤكدًا أنّ المقدسيين بحاجة إلى من يدعمهم ويقف إلى جانبهم.
ورأى أنّ مخطط سلطات الاحتلال يهدف لزيادة عدد الطلبة واختلاطهم في الغرف الصفية ما يؤدي لعدم قدرة المعلم على السيطرة عليهم، إلى جانب تسرب عدد منهم وخاصة ضعاف الطلبة وانتشار الأمراض بينهم.
وأضاف أنّ التصدي للقرارات الإسرائيلية يحتاج لقرار سياسي، ووقفة جدية إلى جانب المقدسيين ومساندتهم لدفعهم لمواصلة عملهم لدفع سلطات الاحتلال للتراجع عن قراراتها، وإجبارها لتدريس الطلبة المنهاج الفلسطيني.