وصف أنور قرقاش المستشار الرئاسي الإماراتي جهود الإمارات في مجلس الأمن لإدانة الاستيطان بالكبيرة، وقال: " إن البيان الرئاسي عن رئيس مجلس الأمن لصالح الحق الفلسطيني هو الأول منذ تسع سنوات"، كلام صحيح، ولكن...
البيان الرئاسي لا يدين الاستيطان، ولكن يقول: إن استمرار الأنشطة الاستيطانية يهدد بشكل خطير إمكانية حل الدولتين على أساس ١٩٦٧م، والبيان يعرب عن قلق المجلس من عزم (إسرائيل) في فبراير بناء مستوطنات، وإضفاء الشرعية على بؤر أخرى".
ما يلفت النظر أولًا: أن البيان الذي يصدر عن رئيس مجلس الأمن أدنى قيمة عن قرار يصدر عن مجلس الأمن، ويتضمن إدانة الاستيطان.
البيان الرئاسي لا يتضمن إدانة، ولا مطالبة بوقف فوري للاستيطان، ومشروع القرار الفلسطيني كان يطالب بالإدانة، وبالوقف الفوري، وإجراءات عملية لتنفيذ القرار.
وما يلفت النظر ثانيًا: أن ما يقوله المستشار من أن البيان هو الأول منذ تسع سنوات، صحيح، فآخر مرة ناقش مجلس الأمن الاستيطان كان في عام ٢٠١٦م، ويومها أمتنعت أمريكا بتوجيهات الرئيس أوباما عن التصويت، وصدر قرار إدانة قوي للاستيطان عن مجلس الأمن، ولكن لم تنفذ (إسرائيل) القرار.
ومن المؤكد أن البيان الرئاسي في ٢٠٢٣م أي بعد تسع سنوات هو أقل قيمة من قرار ٢٠١٦م، ومن ثمة لا يعدّ البيان نصرًا، بل يعد تراجعًا، وقد عدّه الفلسطينيون تراجعًا مهينًا، وخضوعًا للإرادة الأمريكية، في حين قال عنه بن غفير إنه لا يعيق بناء المستوطنات التسعة، التي صادق عليها الكنيست، وهذا جيد الآن.
وما يلفت النظر ثالثًا: أن تراجع السلطة عن مشروع قرار إدانة، ووقف الاستيطان، والقبول ببيان قلق، وبيان خطر الاستيطان، مع استمرار (إسرائيل) في بناء المستوطنات التسع، قد يفسر إسرائيليًّا، وفي التحليل الموضوعي أيضًا، بأن السلطة لا تقف ضد الاستيطان كليًّا وجذريًّا، وأنها تقبل بمبدأ وجود مستوطنات؟!
إن من حقّ الشعب الفلسطيني انتقاد موقف السلطة، ومن حقه إذا ما كانت هناك ديمقراطية حقيقية مساءلة متخذ القرار، ومحاسبته، ولكن خطوة المساءلة والمحاسبة تبدو غير واردة، لأن الديمقراطية غائبة، وليس للشعب مجلس وممثلين، ولكن هل يمكن معالجة هذا القرار عبر القضاء؟ إذا كانت الإجابة بالنفي، فيبقى السؤال الأساس، ما نوع النظام الذي تحكم به السلطة الشعب؟! وكيف تتخذ القرارات السياسية الكبيرة؟!