يصادف اليوم الموافق السابع عشر من شهر فبراير ذكرى أليمة على الاحتلال الإسرائيلي، إنها ذكرى نجاح كتائب الشهيد عز الدين القسام في تنفيذ أول عملية أسر لجنود قوات العدو، والتي تعتبر خطوة أولى على درب تحرير الأسرى من سجون الاحتلال.
وكشفت هذه العملية التي نفذها القائد الشهيد محمود المبحوح والذي اغتاله الموساد الإسرائيلي في دولة الإمارات العربية، والأسير المحرر محمد الشراتحة بإمكانيات متواضعة، هشاشة جنود العدو وأجهزة مخابراته المنتشرة في الأرض الفلسطينية المحتلة إبان الانتفاضة الأولى.
كما شكلت هذه العملية النواة والبذرة الأولى لعمليات أسر جنود العدو التي نفذها القسام، واستطاع أن يعطي من خلالها الأمل للأسرى بأن تحريرهم وكسر قيديهم بات قريبا، فمؤسس حركة حماس الشيخ الإمام أحمد ياسين أكّـد منذ تأسيس الحركة على أنه لا حل لقضية الأسرى إلا بأسر جنود للعدو ومبادلتهم.
فانطلقت باكورة عمليات القسام في أسر الجنود بعد أسر "آفي سابورتس" مروراً بعشرات العمليات والتي كان أبرزها أسر الجندي "شاليط"، منتهيةً بأسر الجندي "شاؤول" خلال العصف المأكول والتي لن تكون الأخيرة بإذن الله.
تفاصيل العملية
في السابع عشر من شهر فبراير لعام 1980م كانت فلسطين كل فلسطين على موعد مع عملية نوعية جهادية شرفت فلسطين بل كل المجاهدين في العالم وكان بطل هذه العملية القائد العسكري الكبير الشهيد محمود المبحوح، والذي أسر الجندي وقتله بعدما تم تجريده من سلاحه.
ولقد أسرت كتائب القسام الجندي "آفي سابورتس" وهو داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م- أثناء وقوفه في منطقة جولس قرب مفترق طرق، وكان المبحوح من أعضاء الوحدة (101) والتي شكلت نواة الجناح العسكري الأول للحركة (المجاهدون الفلسطينيون) بقيادة الشيخ المجاهد والقائد العام لكتائب القسام صلاح شحادة، وتم العثور على جثته بعد عمليات تمشيط واسعة شارك فيها آلاف الجنود والمتطوعون والكلاب وقصاصي الأثر.
وفي حديث متلفز كشف القائد القسامي محمود المبحوح عن تفاصيل العملية، وكيفية تنفيذها والملاحقة التي تمت عقب التعرف على هويته كمنفذ للعملية والقائد في الكتائب محمد الشراتحة، المحرر في صفقة وفاء الأحرار، بالإضافة إلى زميله الذي أشار إليه باسم "أبو صهيب".
وأوضح المبحوح، أن التخطيط كان يتم لكل خطوة بشكل دقيق لتنفيذ العملية، ومن ذلك أن العمليات كانت تنفذ لقتل الجنود ومن ثم التقدم تدريجياً لتتحول من أجل أسر جنود أحياء، مشيراً إلى أن التخطيط كان يشمل إنشاء سجن سري لإخفاء أسرى العدو.
بعيون منفذها
وذكر أن العملية الأولى نُفذت باستهداف الجندي آفي سابورتس في شباط (فبراير) 1989، حيث تخفى المبحوح وزميله بزي متدينين، وأوقفا السيارة له فيما كان ينتظر أحداً ليقلّه وأجلسوه في الكرسي الخلفي ومن ثم أطلق عليه "أبو صهيب" النار ما أدى إلى مقتل الجندي.
وتابع: "تم نقل سسبورتاس إلى المكان المتفق عليه، حيث تم دفنه، وأخذ كل ممتلكاته وأوراقه الثبوتية وسلاحه الخاص من نوع "m 15"، ومن ثم رحلت المجموعة بشكل طبيعي من المكان.
وعثر الاحتلال على مكان جثّة الجندي "سبورتس" خلال بحثه عن جثّة "سعدون" الذي جرى أسره في ذات العام.
وهكذا كانت باكورة عمليات أسر جنود العدو داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي بدأها مجاهدو القسام منذ عام 1988م ولا زالوا على ذات الطريق حتى تحرير الأسرى، مهتدين بفكر الشيخ الإمام أحمد ياسين الذي جسده في كلماته المشهورة: "إحنا مستعدين لنأسر ومستعدين نحرر قدسنا، والذي لا ينجح اليوم سينجح غدا، ممكن تفشل 10 عمليات وتنجح عملية لكن في النتيجة سننجح وسنخرج أسرانا غصباً عنهم".
يذكر بأن كتائب القسام تمكنت في عام 2011 من إبرام صفقة "وفاء الأحرار" والتي بموجبها تحرر 1050 أسيراً مقابل الجندي الذي أُسر في غزة "جلعاد شاليط"، ويبقى أمل الأسرى وذويهم في كتائب القسام بإبرام صفقة جديدة بعد أسر الجندي "شاؤول أرون" في معركة العصف المأكول.