حكومة الاحتلال تبحث عن مخرج لأزمتها الداخلية، فتُنفذ مخططاتها الاستيطانية، إرضاءً لليمين المتطرف، فعندما يقرر المجلس الوزاري المصغر لحكومة الاحتلال (الكابينت) شرعنة 9 بؤر استيطانية جاثمة على أراضٍ فلسطينية استولى عليها المستوطنون بالقوة، هل بقي لجهود التهدئة التي تبذلها أطراف إقليمية ودولية أي قيمة؟
أطرح هذا السؤال على وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، الذي صرح أن إدارة الرئيس جو بايدن تعارض هذا القرار الإسرائيلي، فهل تستجيب سلطات الاحتلال إلى الموقف الأميركي؟ مع العلم أن من اشتراطات الأحزاب المتطرفة على نتنياهو شرعنة ما بين 60 إلى 70 بؤرة استيطانية، مقابل المشاركة في الحكومة، لذا فإن سلطات الاحتلال تسابق الزمن في بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في كل أنحاء الضفة، وتسعى لتقطيع أوصالها بين شمالها وجنوبها سعيًا لضمها، كما فعلت مع مستوطنة معالي أدوميم، ومستوطنة أي وان، ومستوطنة جيلو في القدس وغيرها آلاف المستوطنات المنتشرة في أرجاء الضفة المحتلة، التي ضُمت لاحقًا ومُررت بالاتفاقيات مع السلطة الفلسطينية.
إن مصادقة (الكنيست) على إلغاء ما يسمى بـ"فك الإرتباط" يتناغم مع توجهات حكومة الاحتلال المتطرفة، بمنحها الضوء الأخضر للعودة إلى 5 بؤر مخلاة بمنطقة جنين شمالي الضفة، والمزيد من التوسع في آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية، ناهيك عن وجود 30 ألف مستوطن في البؤر الاستيطانية الأخرى، من أصل 726 ألف مستوطن بالضفة بما فيها القدس.
الإدارة الأمريكية متواطئة مع (إسرائيل) وتكيل بمكيالين، خدمة لمصالحها ومصالح الاحتلال، وأن رفضها لشرعنة البؤر الإستيطانية فهي سياسة تعودنا عليها، وقد تستخدمها واشنطن لدغدغة عواطف الآخرين ومشاعرهم، وتحبط كعادتها القرارات بالفيتو ضد الاحتلال والاستيطان في مجلس الأمن الدولي، الذي سبق له أن أصدر القرار رقم 2334 لعام 2016، وينص على عدم شرعية الاستيطان، وطالب بوقفه في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها شرقي القدس.
الإدارة الأميركية الآن في اختبار حقيقي، لأن قضية البؤر الاستيطانية تخصها وهي عبارة عن اتفاق بين شارون والإدارة الأمريكية في عهد بوش في عام 2004، إذ نص على إخلاء هذه البؤر الاستيطانية في الضفة والقطاع مقابل اعتراف واشنطن بالمستوطنات الكبرى، فهل ستتنكر للاتفاق وترضخ لسياسة الاحتلال الإسرائيلي؟