من المعلوم أن المقاومة الفلسطينية تمارس عملها ضد الاحتلال والمستوطنين طيلة العام، ولا يتحكم الزمن ولا الأشهر في عملها، فهي تقاوم في الصيف والشتاء، وفي الربيع والخريف، وفي الليل والنهار، فزمن المقاومة ممتد في أيام العام، وليس ثمة يوم أفضل من يوم، أو شهر أفضل من شهر، والأصح أن المقاومة ترتبط بالهدف، والفرصة، وتوفر الظرف المناسب للفعل.
لست أدري لماذا تثير الحكومة الإسرائيلية الحالية مشكلة خاصة مع شهر رمضان من العام الحالي؟! لماذا تبدي قلقًا مما يمكن أن يجري فيه من أفعال للمقاومة؟! ولست أدري لماذا يضخم الإعلام العبري التخوفات من رمضان القادم لنا بعد أربعين يومًا؟!
تصريحات الحكومة بهذا الصدد مسكونة بالمبالغة، وتحليلات وسائل الإعلام تبدو كذلك، وإذا راجعنا السنوات الماضية لا نجد مثل هذه الحالة الإعلامية، التي تبث القلق، وتطالب بالاستعداد، ومراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، وزيادة الاعتقالات الإدارية، ومنع المرابطين من داخل الخط الأخضر من البقاء في الأقصى؟!
إن مقاربة هذه الحالة كما يبثها الإعلام الإسرائيلي، وتغذيها تصريحات وزراء حكومة نتنياهو- بن غفير، وتصريحات قادة الشاباك والجيش، تعطينا الاحتمالات الآتية:
١- ربما تكون التصريحات محقة في هذا العام، والتوقعات لها ما يبررها، لأن لشهر رمضان نكهة خاصة، وله بواعث إيمانية ووجدانية تغذي فعل المقاومة، وأن للشهادة في شهر رمضان طعم خاص بين شباب فلسطين، وأن مواعظ رمضان تغذي الرغبة في المقاومة والشهادة وترفعها إلى درجة الالتهاب والتنفيذ، ولكن لماذا هذا العام دون الأعوام الماضية؟!
٢- سؤال لماذا السابق يفضي بنا إلى الشك في الاحتمال الأول، ليزاحمه احتمال أن حكومة (إسرائيل) تستهدف من هذا ضغط المقاومة بالتهديد، وجلب ضغط إضافي من مصر والأردن على قادتها، لكي تحظى بشهر صيام لا مقاومة فيه، أو لكي تقوم بعملية عسكرية استباقية عند أول ملابسة.
٣- وربما تقصد حكومة الاحتلال من وراء هذه الرسائل زيادة الاعتقالات، والاعتقالات الإدارية، وتمنع أعدادًا إضافية من الصلاة في المسجد الأقصى زائدة عن الأعوام السابقة، وزيادة العراقيل الأخرى أمام المصلين، ومن ثمة سحب البساط من تحت الانتقادات العربية والدولية مسبقًا.
٤- وربما تبحث حكومة نتنياهو عن بث حالة إحباط بين من يؤيدون المقاومة ويثقون بها، ويرونها أنها الحلّ، وذلك عبر تمرير شهر رمضان بدون مقاومة.