فلسطين أون لاين

تقرير "المنخفض الجوي".. وفرة في الأسماك وتعويض لخسائر الصيادين

...
وفرة في الأسماك وتعويض لخسائر الصيادين
غزة/ أدهم الشريف:

ما إن وضعت الرياح الشديدة المرافقة للمنخفض الجوي على قطاع غزة أوزارها؛ حتى تدفق الصيادون إلى البحر للبحث عن الأسماك بين الأمواج الهادرة.

واستطاع الصيادون الإبحار في ساعات مبكرة من فجر أول من أمس، بعد الإعلان عن استئناف العمل ببحر غزة.

وتعدّ المنخفضات الجوية من العوامل المهمة في جلب الأسماك خاصة للغزِّيين، فهي إما أن تأتي وحدها إلى مناطق قريبة من الشاطئ، أو تذهب بعيدًا ويضطر الصيادون إلى اللحاق بها ما يعرضهم لمخاطر ملاحقتهم بزوارق بحرية الاحتلال وإطلاق النيران صوبهم.

والسيناريو المؤكد لهذا المشهد، إما إصابة الصيادين بالنيران وإما استشهادهم، وإما مصادرة قواربهم، وإما تدميرها وإغراقها.

وهذا ما يحسب له الصياد إياد الهسي ألف حساب، خاصة أن بحرية الاحتلال اعتقلته وصادرت قاربه قبل أن تفرج عنهما في تاريخيْن مختلفتيْن السنة الماضية.

وقال الهسي (45 عامًا) لصحيفة "فلسطين": "إن الصيد في بحر غزة ليس بالأمر الهيّن، ولا يعرف حجم المشقة هناك سوى من عمل صيادًا".

ويدرك الهسي من سكان غرب مدينة غزة، أهمية المنخفضات الجوية لما تحمله من خيرات للصيادين تُجرفها إلى مناطق بإمكانهم الإبحار فيها بعيدًا عن تنغيص الزوارق الحربية.

وأضاف أن بحر غزة يعدُّ منطقة لمرور الأسماك وهجرتها لأميال بعيدة، وهي تشبه الحوض، وعندما تأتي المنخفضات الجوية تجرف الأسماك إلى أميال قريبة من الشاطئ، ما يتيح للصيادين فرصة الصيد الوفير.

لكن إذا لم تتأثر المنطقة بمنخفضات جوية، يضطر الصيادون إلى الإبحار بعيدًا ما يجعلهم عرضة لنيران زوارق الاحتلال.

ويَذْكُر جيدًا كيف داهمت الزوارق الحربية المنطقة التي كان يصطاد فيها أمام ساحل غزة، واعتقلته وصادرت قاربه، يوم 14 فبراير 2022.

وتتعامل سلطات الاحتلال مع القارب المُصادر معاملة المُحتجز، إذ إنها تحدد له محاكمة، وفترة احتجاز في موانئ المدن الفلسطينية المحتلة سنة 1948.

لكن عائلة الهسي استطاعت توفير كفيل مالي في الداخل المحتل، للإفراج عن القارب شرط ألا يتجاوز مسافة 3 أميال من شاطئ غزة عند الإبحار، وإذا لم يلتزم أصحابه بذلك إلى حين موعد المحاكمة المقرر في 27 مارس/ آذار المقبل، سيجبر الكفيل على دفع غرامة مالية للاحتلال قيمتها 100 ألف شيقل.

وبالفعل استطاعت العائلة إطلاق سراح القارب بعد 7 أشهر من الاحتجاز.

وتحدد بحرية الاحتلال مساحات مختلفة للصيد أمام ساحل غزة البالغ طوله 42 كيلومترًا، وتصل إلى ستة أميال في المنطقة الممتدة بين ميناء الصيادين والحدود الشمالية للقطاع، وتتراوح المساحة بين 12– 15 ميلًا كلما اتجهنا إلى جنوب الساحل انطلاقًا من الميناء.

ويحرص الصياد رامي صيام، على عدم تجاوز الحدود التي تقرها بحرية الاحتلال، وهو يتابع على الأخبار باستمرار تلاعبها بهذه المساحات وتضييقها، حتى لا يجد نفسه في المنطقة الممنوعة في أثناء الصيد.

وقال صيام الذي يعمل صيادًا منذ ما يزيد على عقديْن لـ "فلسطين": إن أجمل ما في المنخفضات الجوية أنها تأتي لنا بالأسماك، ولا نضطر إلى الذهاب من أجلها بعيدًا.

وأضاف أنه تمكن من صيد كميات وفيرة من أسماك السردين والطرخون.

وتوقع أن تحمل الأيام المقبلة بشريات للصيادين خاصة أن المنخفض الجوي الأخير رافقته رياح شديدة تسببت بارتفاع الأمواج، ما يمنح فرصة أكبر لجرف الأسماك إلى الشاطئ.

ورجح أن هذه الأمواج صحبت معها كميات وفيرة من أسماك الكنعن "الغزال"، أحد أهم الأصناف المحببة للمواطنين بغزة.

واقع صعب

ويقدر عدد الصيادين بأكثر من 4 آلاف صياد، ويبلغ تعداد أفراد عوائلهم قرابة 50 ألف مواطن، وهم يشاركون في تأمين الأمن الغذائي من الأسماك لسكان القطاع الساحلي البالغ تعدادهم ما يزيد على مليونين و100 ألف نسمة، حسبما أفاد نقيب الصيادين نزار عياش.

وبين عياش لـ "فلسطين": أن مساحة الصيد التي يُسمح بالإبحار فيها غير كافية، ولذلك هم ينتظرون المنخفضات لأنها تجلب معها أسماكًا مختلفة.

بدوره، أكد المدير العام للثروة السمكية في وزارة الزراعة بغزة وليد ثابت، أن تغيُّر الظروف الجوية يصاحبه زيادة في سرعة الرياح وارتفاع أمواج البحر، ويرافق ذلك تحرك الكائنات البحرية النباتية والحيوانية الدقيقة وتتبعها الأسماك.

وبيَّن ثابت لـ"فلسطين"، أن المنخفضات أو ما يعرف بـ "النَّوُّ" التي نتأثر بها تختلف عن بعضها من حيث قوتها ومدى تأثيرها على بحر غزة، مبينًا أن استمرار المنخفض الأخير عدة أيام وما رافقه من رياح شديدة وأمواج عالية، شكّل أملًا للصيادين.

وأشار إلى أن نصيب الفرد الواحد بغزة من الأسماك 13 كيلوجرامًا في العام، مستندًا في ذلك إلى تقارير منظمة الأغذية العالمية، لكن بحسب نسبة السمك المصطاد، وواقع الحصار، وضيق المساحة والاستزراع، والصيد الجائر، فإن نصيب الفرد أصبح 3 كيلوجرامات في العام.