لكل فعل ردة فعل، والتشدد يستجلب تشددًا، والاحتلال في الأصل يستولد المقاومة. هذه البدهيات تعرفها حكومة تل أبيب جيدًا، وكل إسرائيلي يعرفها، ولكن غطرسة القوة تجعلهم يقفزون عنها، ويجعلهم يعملون بمقتضى مقولة: "أن ما لا يُحلّ بالقوة يُحل بمزيد من القوة"، ويقف ابن غفير وسموتريتش على قمة هذه المقولة الخاطئة، وهي المقولة التي تقف سببًا رئيسًا في تفجر الأوضاع في الضفة والقدس، وهي المقولة التي ربما تستجلب معركة ممتدة في شهر رمضان الذي يطرق أبوابنا، ونحن مسكونون بيأس لغياب الحلول لقضايانا السياسية والحياتية، وفي كل يوم يمرّ نشعر أننا نرجع للوراء، وأن حقنا في الحرية، وتقرير المصير، لم يعد يشغل السياسة الدولية، أو الإقليمية، وفي كل يوم يمرّ يتقدم العدو في مجال الاستيطان، والتهويد، والضم، ويتقدم نحو التشدد في القوانين المناهضة لحقوقنا الأساسية.
ثمة في (إسرائيل) قانون يُعدّ لإعدام الأسرى، وكأن عمليات الإعدام الميدانية التي يقوم بها الجيش لأدنى ملابسة لا تكفي، وثمة توسع في قوانين هدم وإغلاق بيوت المقاومين، وقوانين لسحب الهوية، والطرد والتهجير، وثمة قوانين توسع دائرة الانتقام من عائلة المقاوم وذويه، وثمة قوانين لتشريع البؤر الاستيطانية، وثمة قوانين تعرقل مسألة تبادل الأسرى، وقوانين تسرق الأموال الفلسطينية، وإن سلسلة القوانين المعادية للحقوق الفلسطينية تكاد لا تحصى من كثرتها وعنصريتها.
هذه القوانين الموجهة للمعاملات الرسمية والفردية استولدت عمليات الدهس التي تعبّر عن متنفس لشباب لا يملك سلاحًا للمقاومة، ولو كانت القوانين العنصرية تحترم إنسانية الفلسطيني، وحقوقه بحدها الأدنى لكان ذلك مانعًا جيدًا لعمليات الدهس، ولتوقفت المقاومة عند حدود استهداف الجنود والعسكر.
إن ما يطرحه ابن غفير وسموتريتش وغيرهما من المتطرفين من سياسات عنيفة وقوانين عنصرية متشددة، هي وصفة جيدة لمزيد من العنف وعدم الاستقرار في القدس والضفة والداخل المحتل وغزة، فلكل فعل ردة فعل، وإن حكومة إرهاب تتبنى القتل والعنف ضد السكان الفلسطينيين تستجلب لنفسها وللإسرائيليين عنفًا مضادًا، ومن يريد الانتقام لا يعدم الوسيلة، حتى وإن فقد القدرة على امتلاك السلاح. قفوا عند التاريخ، وعند حكمة التعامل، ولا تنسوا أنكم تحتلون شعبًا مسكونًا بالمقاومة منذ النكبة، ولن يغادرها حتى ينال حقه في الحرية وتقرير المصير.