لم يتوقف قطارُ الاعتقالات والاستدعاءات السياسية التي تجريها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، ولم تجف أحبار كتابة أخبار استدعاء واعتقال الطلبة الجامعيين، والأسرى المحررين بصورة شبه يومية، ودون أي التفات للنداءات الفصائلية المتكررة بالتوقف عن هذا السلوك.
فصائل فلسطينية رأت في موقف سياسي لها عبرت عنه لصحيفة "فلسطين"، أن استمرار ربط السلطة الفلسطينية نفسها بسياسة التنسيق الأمني والذي من تفريعاته الخطيرة الاعتقال والاستدعاء السياسي، لا يخرج عن كونه انتهاكا للقيم الوطنية، وضربا للعلاقة الفلسطينية الاجتماعية بما يخدم الاحتلال الإسرائيلي.
وقال القيادي في حركة حماس، فايز أبو وردة، إن سياسة الاعتقال والاستدعاء السياسي تعد سياسة راسخة في عمل السلطة في الضفة الغربية، وذلك التزاما من قبلها بالاتفاقات الأمنية مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف أبو وردة لـ "فلسطين" أن الاعتقالات والاستدعاءات شبه اليومية، تجري تجاه كل من له نشاط سياسي معين، مشددًا على أن هذه السياسة خطيرة وتُلقي بظلال سلبية جدًا على الصعيد الاجتماعي والسياسي الداخلي.
وأشار إلى أن أكثر من يتعرض لسياسة الاعتقال من قبل أجهزة أمن السلطة هم شريحتا الطلبة والأسرى المحررين من سجون الاحتلال، لافتا إلى أن إحصائيات الشهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وثقت ما يتراوح من 240 حالة اعتقال واستدعاء.
وبين أن حركة حماس وكما الفصائل الأخرى ذهبت مؤخرا للمشاركة في مؤتمر "فتح" السابع بمدينة رام الله، على قاعدة "إمكانية أن يتغير موقف الأجهزة الأمنية من سياسة الاعتقال والاستدعاء السياسي إلا أن ذلك لم يحصل".
ودعا أبو وردة لضرورة إيجاد حراك فلسطيني داخلي ضاغط من أجل إنهاء الانقسام السياسي، وإعادة اللحمة السياسية ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة، مبديا اعتقاده بأن ذلك من الممكن أن يذهب باتجاه وقف سياسة الأجهزة الأمنية في الضفة.
صميم التسوية
من جهته، قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، طارق قعدان، إن الاعتقالات السياسية التي تجريها الأجهزة الأمنية بحق الطلبة والأسرى المحررين، هي من صميم عملية التسوية التي صممها "العقل الصهيوني بطريقة خبيثة".
وأشار قعدان لـ"فلسطين"، إلى أن من العقيدة الأمنية لفريق السلطة، (رغم كل الاخفاقات والانسداد الهائل في عملية التسوية)، المضي من جانب واحد ضد إرادة الشعب عبر سياسة الاعتقال والاستدعاء السياسي.
وأضاف "قمة المأساة أن تتم هذه الاعتقالات والاستدعاءات في ظل الصلف الاسرائيلي، وأن يجري ذلك من أجل عيون الصهاينة"، مطالبا السلطة الفلسطينية بالتراجع عن هذه السياسية وأن تعود لشعبنا الفلسطيني وتحزم أمرها برفض خيار التسوية.
وتابع قعدان "من الواضح أن هناك فريقا، ربما ضئيل، للأجهزة الأمنية متنفذا ومتحكما في مسار الأمور، يصر على ربط نفسه مصيريًا مع الاحتلال، عبر الولوج المستمر إلى سياسة الاعتقال والاستدعاء السياسي، وإن كان يقف أمام دعوات القوى الاسلامية والوطنية التي تنادي بحرمة ذلك".
أما القيادي في الجبهة الشعبية في الضفة الغربية ماهر حرب، فأشار إلى أن الاعتداء على الحريات العامة في الضفة زادت بوتيرة كبيرة في الفترة الأخيرة من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، ضد الطلبة وغيرهم وبعض "قيادة السلطة وحركة فتح المنتقدين للمؤتمر السابع".
وأشار حرب لـ"فلسطين"، إلى أن هذه السياسة تلقى ردة فعل رافضة على المستوى الجماهيري، والفصائلي، وتضع السلطة أمام مكونات محرجة جدًا، مشددًا على أن ملف الاعتقال السياسي بدأ يأخذ منحنيات أكبر من "الخلاف السياسي" بين فتح وحماس، بل وطال أي شخص أو مؤسسة تعارض سياسات رئيس السلطة أو قيادة الأجهزة الأمنية.
ولفت إلى أن السلطة تتمادى في هذه السياسة التي لا تخدم سوى الاحتلال، لعدم وجود موقف سياسي وطني جامع يعبر عن إرادة وصوت الناس، مؤكدًا أن ملاحقة الناس وقمع آرائهم لا يخدمان أي مصلحة.