فلسطين أون لاين

"يمان موسى".. أول مدربة لـ"الجوجيستو" في فلسطين

...
"يمان موسى".. أول مدربة لـ"الجوجيستو" في فلسطين
رام الله/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

عشقت الشابة "يمان موسى" منذ صغرها الرياضة بمختلف أنواعها، لكن شيئًا ما كان يشدها تجاه رياضات الدفاع عن النفس التي لم يكن من المقبول مجتمعيًا، حتى وقت قريب، اندماج النساء فيها، إلى أن لاحت لها فرصة أن تصبح أول لاعبة ومدربة في رياضة "الجوجيستو".

تُعرَف "الجوجيتسو" برياضة الإخضاع، وتعتمد على تركيز العقل من أجل توظيف طاقة المُهاجِم والاستفادة منها بدلًا من مقاومته، وهي بخلاف الكثير من الرياضات تركِّز على المرونة البدنية والانضباط الذاتي.

يمان "30 عامًا" خريجة بكالوريوس محاسبة – اقتصاد من جامعة بيرزيت خاضت خلال حياتها الدراسية غمار عدة رياضات منها السباحة والجري وألعاب القوى، لكنها كانت تشعر دومًا بأن تلك الرياضات لم تفرغ طاقتها الكامنة، وأنه ما زال لديها طاقة لممارسة نوع آخر من الرياضة غير محدد في حينه.

لاحت الفرصة لـ"يمان" عندما عرض عليها المدرب أحمد خفش في عام 2017 أن تكون أول امرأة تمارس "الجوجيستو" في فلسطين وتتولى فيما بعد مهمة تدريب فتيات أخريات على اللعبة وتأسيس فريق خاص بالإناث. 

تقول: "وجدت نفسي في هذا النوع من الرياضة، كانت التحديات في البداية كثيرة، فأنا الفتاة الوحيدة ولا يوجد دعم رسمي لها، رغم أنها منتشرة كثيرًا في دول عربية أخرى كالأردن المجاورة التي تمتلئ بالنوادي الخاصة باللعبة".

وتوضح أن هذه الرياضة تحتاج إلى صبر طويل وتركيز تام وجدتها الكثير من المتدربات صعبةً ممَّا جعلهن يستسلمن من بداية الطريق لتبقى يمان وحدها في كثيرٍ من محطات التدريب، وهنا كانت بداية التحدي أمام يمان، إذ كان عليها أن تتدرب وحدها لفتراتٍ طويلة إلى أن شجعها مدربها على التوجه إلى عمَّان، والتدريب برفقة فريق رياضي أُرْدُني خاص بالإناث. 

تقول يمان: "سفري إلى عمان وضعني على أولى خطوات الوصول إلى حلمي، والأجمل من ذلك نظرات الفخر التي رأيتُها في عيون عائلتي، فكان عهدًا عليّ أن أعود بالحزام الأزرق، مهما كان الطريق صعبًا، وقد نلته بالصبر والعزيمة".

الرياضة الفاتنة

وتبين يمان أن "الجوجيستو" يعني فن الإخضاع وتسمى أيضًا بالرياضة الفاتنة، وهي تجمع بين رياضتيْ "الكونغ فو" و"الكاراتيه"، يميزها بأن اللاعب يمكن أن يُخضع الخصم بدون ضرب، بل عبر كسر يده أو رقبته أو رجله من خلال مهارات خاصة قائمة على معرفة نقاط ضعف اللاعب المنافس.

وتضيف: "هناك حركة اسمها كسر اليد، يمكن من خلالها كسر يد الخصم أو خنقه من الخلف وإطاحته أرضًا، لذلك تحتاج هذه الرياضة إلى تركيز وذهن صافٍ لاغتنام اللحظة المناسبة للإطاحة بالخصم والفوز عليه".

وتلفت إلى أن هذه الرياضة برازيلية الأصل ومنتشرة في العالم وفي دول عربية عدة كـ"الإمارات" التي تنظم بطولات شهرية في اللعبة، وكذلك البحرين.

في عام 2021 حصلت يمان على لقب أول مدربة في فلسطين. هذا اللقب جعلها تأخذ على عاتقها أن تكون المُلهمة الأولى للفتيات اللواتي طالما حلمن بهذه الرياضة، وكان يحول بينهن وبين حلمهن عدم وجود مركز رياضي خاص للفتيات فقط، فأسست أول فريق خاص للإناث في رياضة "الجوجيتسو" بدعم من نادي "بال جيتس" الفلسطيني.

وتبين أن النادي سهّل على اللاعبات المشاركة في بطولات خارجية ووفر دعمًا لهن، حيث كانت اللاعبات سابقًا يتكفلن بالنفقات على حسابهن الشخصي.

رياضة دفاعية

وتشير يمان إلى أن لاعبات لديهم طاقات كبيرة ويحتجن إلى من يدعمهن، "فقد حصلن مؤخرًا على الميدالية الذهبية في بطولة الجوجيستو في تايلاند".

وتحتاج رياضة "الجوجيستو" إلى التزام حديدي بالتمرينات -يومان في الأسبوع من ساعة ونصف لساعتين- مبينة أن اللاعبين في الخارج يتدربون ثلاثة أو أربعة أيام لمدة ساعتين كاملتين، ويمنع التغيب عن التمرينات، فأي غياب يعني العودة لنقطة البداية.

وتعتقد يمان بأن "الجوجيستو" وغيرها من الرياضات الدفاعية مهمة جدًا للمرأة الفلسطينية بالنظر إلى الظروف التي تعيشها تحت الاحتلال، فجنود الاحتلال يترصَّدون لها وهي بحاجة إلى الإيمان بنفسها وقدرتها على مواجهة التحديات التي تعترضها على الحواجز الإسرائيلية.

وترى موسى بأن المجتمع من حولها تقبل بشكل سلس انضمام النساء لتلك الرياضة كونها لا تعتمد على ضرب الخصم، وفي نفس الوقت رياضة دفاع عن النفس تمكن أي فتاة من حماية نفسها إذا ما تعرضت لأي اعتداء سوى في بلدها أو أثناء سفرها للخارج.

وتتابع: "هناك إقبال كبير من طالبات الجامعة على الالتحاق بدورات تدريبية في رياضة الجوجيستو، كما أتلقى اتصالات شبه يومية من ذوي طالبات في المدرسة يريدون أن أدرب بناتهم على هذه الرياضة".

وتلقت "بيان" في مسيرتها دعمًا كبيرًا من أهلها وناديها برئاسة خفش، إذ تُعد اللبنة الأولى لهذه الرياضة في الضفة الغربية، موجهة حديثها للفتيات بالقول: "إذا كانت لك ميول رياضية فعززيها بالتدريب ولا تهتمي لكلام الناس، وستجدين في طريقك من يدعمك دون أي جهد منك".