فلسطين أون لاين

بشير: وسائل المقاومة الشعبية منعت هدم 132 منشأة العام الماضي

تقرير أهالي جبل المكبر.. حصن منيع يفشل محاولات الاحتلال لتدمير ممتلكاتهم

...
أهالي جبل المكبر.. حصن منيع يفشل محاولات الاحتلال لتدمير ممتلكاتهم
القدس المحتلة-غزة/ نور الدين صالح:

تمثل المقاومة الشعبية التي يخوضها أهالي بلدة جبل المكبر بمدينة القدس المحتلة، "حصنًا منيعًا" في التصدي لسياسة هدم البيوت والمنشآت التجارية التي رفع الاحتلال الإسرائيلي وتيرتها منذ مطلع العام الجاري، تزامنًا مع تشكيل حكومته المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو.

ومؤخرًا، تمكنت عائلة مقدسية من انتزاع حكم قضائي بتأجيل عملية هدم محالها التجارية بحي الصلعة في بلدة جبل المكبر لمدة أسبوعين إضافيين، بعدما اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال المنطقة وشرعت في إخلاء ثلاثة محال تجارية تمهيدًا لهدمها.

جدار بشري

مثل "جدار بشري" اصطف أهالي "جبل المكبر" ووضعوا مركباتهم في وجه جرافات الاحتلال التي جاءت لهدم المحال التجارية عند الساعة السادسة صباح الاثنين الماضي، ما حال دون هدمها بمحتوياتها.

يروي أحمد السرحي صاحب أحد المحال المهددة بالهدم في "جبل المكبر"، أن قوات كبيرة من جيش الاحتلال ترافقها جرافات عسكرية توجهت إلى حي الصلعة وطلبت منهم إفراغ المحل من محتوياته، تمهيدًا لهدمه.

اقرأ أيضاً: تقرير جبل المكبر.. إرث إسلامي يلاحقه الهدم والتشريد

ويقول السرحي: "رفضنا الانصياع لطلب الاحتلال وفتح المحل، وإفراغه من محتوياته والبضائع الموجودة فيه"، مشيرًا إلى أن العشرات من الأهالي كانوا يتجمعون أمام المحال المهددة بالهدم، ما عرقل عمل الجرافات.

وأوضح أن بلدية الاحتلال تتخذ إجراءات لتهجير سكان "جبل المكبر" عبر سياسة هدم البيوت والمحلات والمنشآت التجارية، بهدف تقليص عدد سكانها وزيادة أعداد المستوطنين.

وأضاف السرحي أن البلدية لا تريد وجود محلات تجارية في "جبل المكبر" والقدس عامة، من أجل دفع المقدسيين إلى التوجه إلى المنشآت الاقتصادية الإسرائيلية، ما يعني في نهاية المطاف ضرب الاقتصاد المقدسي.

وبيّن أن سلطات الاحتلال تفرض تكاليف باهظة على التجار المقدسيين في "جبل المكبر" الذين ينوون ترخيص محلاتهم التجارية، سعيًا منها لتقليص أعدادها، ودفع أصحابها للهجرة خارج القدس.

وطالب السرحي أهالي البلدة بعدم الرضوخ لقرارات الاحتلال الرامية إلى هدم المنشآت والمحال التجارية، مشددًا على أن الاحتلال ينتهج سياسة عنصرية ضد الشعب الفلسطيني والمقدسيين خاصة.

وهذه المرة الرابعة التي يقف فيها أهالي "جبل المكبر" في وجه الاحتلال، ومنعه من هدم البيوت والمنشآت التجارية، منذ مطلع العام الجاري، عبر استخدام وسائل شعبية.

وفي حادثة أخرى وقعت يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، تصدى الأهالي لجرافات الاحتلال الإسرائيلي التي أرادت هدم منزل المقدسي "إبراهيم بشير" بعدما أبلغته بذلك قبل يومين من اقتحامها للمكان.

ويقول بشير لصحيفة "فلسطين"، إن "الاحتلال أبلغه بضرورة إخلاء منزله ومنزل نجله "مهند" المجاور له، والبدء بهدمه ذاتيًا"، مستدركًا: "لكنني رفضت ذلك ولم أهدم البيت، علمًا أنهم هددوني بدفع غرامة تتراوح ما بين 80-100 ألف شيقل".

وأوضح أن جيش الاحتلال ترافقه جرافات عسكرية حاصر المنزل من جميع الجهات، لكن سرّعان ما توجه الأهالي ووقفوا في وجهه لصد عملية الهدم، بعدما صدحت مآذن المساجد بضرورة التوجه إلى المكان.

وحينها صدحت المساجد بعبارات "لن نسمح بهدم منزل آخر، اجتماع السواعد يبني الوطن"، و"اجتماع القلوب يخفف المحن"، ودعت إلى الإضراب الشامل احتجاجًا على تصاعد هدم منازل المقدسيين.

وبحسب بشير، اندلعت مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال رفضًا لهدم منزله، ما أجبر الاحتلال على التراجع عن الهدم وإمهاله أسبوعين آخرين، قائلًا: "لن أهدم منزلي بنفسي مهما كلفني الثمن".

وأوضح أن العام الجاري يشهد تغولًا ملحوظًا من الاحتلال في هدم البيوت والمنشآت التجارية بفعل تولي وزير "الأمن القومي" في حكومة الاحتلال المتطرفة إيتمار بن غفير هذا الملف بنفسه، "لكن تطور وسائل المقاومة الشعبية حال دون ذلك حتى الآن".

اقرأ أيضاً: الاحتلال يُجبِر مقدسيًّا على هدم منزله في جبل المكبر

ووصف أسلوب الاحتلال في التعامل مع المهددة منازلهم بالهدم بـ"الحقير والعنصري" لكونه يحاول فرض السيطرة المطلقة على البلدة عبر الهدم والتشريد، مشددًا على أن "المقدسيين يعانون كثيرًا من سياستي الهدم وفرض الضرائب الباهظة عليهم".

ويتكون منزل "بشير" الذي ينوي الاحتلال هدمه من طابقين يضم عائلته المكونة من 4 أفراد، ونجله أدهم وعائلته المكونة من 4 أشخاص أيضًا، فيما يضم بيت نجله "مهند" المجاور له والمهدد بالهدم عائلته المكونة من 6 أفراد، وفق قوله.

وقاد الإضراب عشائر عرب السواحرة إلى جانب الحراك الشبابي في جبل المكبر، وقد أكدت أنها ستتعامل بحزم وقوة مع كل من يخالف الإضراب، مضيفة في بيان: "لن نكون لقمة سائغة للاحتلال وأعوانه وسوف نتصدى بصدورنا العارية لجرافاته وآلياته".

ويستخدم أهالي "جبل المكبر" وسائل متعددة لعرقلة الاحتلال بهدم المنازل مثل سكب الزيت في طريق الآليات، وإحراق حاويات النفايات، ووضع مركباتهم في وسط الطريق.

تصاعد المقاومة الشعبية

وقال رئيس لجنة الدفاع عن بلدة جبل المكبر المحامي رائد بشير، إن هذه المرة الرابعة التي يستطيع فيها أهالي البلدة إفشال هدم البيوت والمنشآت التجارية منذ بداية العام الجاري.

وأوضح بشير لصحيفة "فلسطين"، أن وتيرة المقاومة الشعبية تتصاعد في البلدة، والأهالي يستحدثون وسائل عدة لمواجهة الاحتلال وسياسات الهدم، وهو ما يمكّنهم من انتزاع قرارات بالتأجيل.

وبيّن أن أبرز وسيلة يستخدمها الأهالي هي التجمهر في الشوارع وأمام البيوت والمنشآت التجارية من أجل عرقلة آليات الاحتلال القادمة للهدم، مؤكدًا أن هذه الأعمال الشعبية تحتاج إلى تضافر الجهود وتوسيعها على نطاق مدينة القدس بأكملها.

وحذّر من مخاطر تولي "بن غفير" ملف هدم البيوت في جبل المكبر، عادًا إياه "مخالفة صريحة للقانون حسب مؤسسات حقوقية إسرائيلية"، منبّهًا في الوقت ذاته إلى أن الهدم ليست من صلاحيات ما تُسمى وزارة "الأمن القومي".

وفي شهر مارس/ آذار عام 2022، أصدرت عشائر عرب السواحرة ميثاقًا ملزمًا لأبنائها يقضي برفض الهدم الذاتي، وفعلًا التزم الأهالي بالميثاق ولم يهدم أحد من أبناء العشائر بيته بنفسه في جبل المكبر، كما خاضوا العام الماضي احتجاجات في محيط بلدية الاحتلال في القدس ضد قرارات هدم بيوتهم.

اقرأ أيضاً: تقرير طلبة مدارس جبل المكبر يحتجّون لمنع الاحتلال تسيير حافلاتهم

وبيّن بشير، أن هذا الحراك استطاع تأجيل قرارات بهدم 132 منزلًا ومنشأة مدة عام كامل، لافتًا إلى أن الاحتلال يحاصر أهالي "جبل المكبر" البالغ عددهم 32 ألف نسمة في البناء على 400 دونم فقط من أصل المساحة الإجمالية البالغة 4 آلاف دونم.

وأشار إلى أن تكلف البناء في هذه المساحة عالية جدًا، بفعل الضرائب الباهظة والشروط التعجيزية التي يفرضها الاحتلال من أجل حصولهم على تراخيص.

وختم حديثه "جبل المكبر ذهب للمقاومة الشعبية المكفولة قانونيًا، عقب تنصل القانون الإسرائيلي من إحقاق الحق لأصحاب البيوت المهددة بالهدم".

وتنال بلدة جبل المكبر-إلى جانب سلوان- الحصة الأكبر من قرارات الهدم، كان آخرها منشأة تجارية ومنزلًا للمواطن محمد راتب مطر نهاية شهر يناير الماضي، كما هددت بلدية الاحتلال منذ بداية العام الجاري نحو 100 منزل في البلدة.