فلسطين أون لاين

3 أسباب تحدُّ من القدرة على ضبط الأوضاع أو العودة إلى عقيدة "دايتون"

تقرير اللقاءات السياسية برام الله.. مساعٍ دولية لإخماد "بركان شعبي" متفجِّر

...
صورة أرشيفية
غزة-رام الله/ يحيى اليعقوبي:
  • سباعنة: حالة المقاومة بنابلس وجنين متقدمة ولا يمكن السيطرة عليها
  • عساف: الأطراف تحاول الضغط على السلطة أو رشوتها
  • بشارات: الوضع الميداني أعاد حسابات أطراف دولية حيال القضية الفلسطينية

على مدار أسبوع لم تتوقف اللقاءات المكوكية لوفود سياسية وأمنية إقليمية ودولية، مع رئيس السلطة محمود عباس في رام الله، وهي لقاءات معلنة؛ بهدف "خفض التوتر" كما أقرَّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.

وسبق اللقاءات، حدثان مهمان دفعا إلى هذه التحركات: مجزرة مخيم جنين التي استشهد فيها 10 فلسطينيين من أصل 35 شهيدًا ارتقوا في يناير/ كانون الثاني الماضي، وعملية الثأر التي نفذها الشاب المقدسي خيري علقم قتل فيها بالرصاص 7 مستوطنين وأصيب آخرون، قبل أن تتبعها عمليات إطلاق نار أخرى.

يتزامن مع ذلك، انتهاكات واستفزازات متواصلة بالمسجد الأقصى، يواكبها وزير ما يسمى "الأمن القومي" الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، بإعلان نيته الاستمرار في اقتحام الأقصى، وتنفيذ مخططات تقسيمه زمانيًّا ومكانيًّا.

واجتمع بلينكن يوم الثلاثاء مع رئيس السلطة في رام الله بعد لقاء ثلاثي جمع عباس برئيسي المخابرات المصرية والأردنية، اللواء عباس كامل، واللواء أحمد حسني حاتوقاي، على التوالي.

3 أسباب

وعلى عكس الآراء التي تتحدث عن إمكانية السيطرة على الأوضاع، يرى الكاتب والمحلل السياسي من جنين ثامر سباعنة، أن حالة المقاومة الحالية وتحديدًا في مدينتي نابلس وجنين أصبحت حالة متقدمة جدًا، ولا يمكن السيطرة عليها أو إيقافها.

وحدد سباعنة في حديثه لصحيفة "فلسطين" عدة أسباب في عدم إمكانية احتواء الحالة، أولها تصاعد الإجرام الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، واحتكاك جيش الاحتلال مع الجماهير الفلسطينية، وثانيها وجود حاضنة شعبية قوية متمسكة بالمقاومة وحريصة على حمايتها وبقائها وديمومتها.

أقرأ أيضاً: تَواصل انتهاكات أجهزة السلطة بالضفة واستدعاءات في نابلس

الأمر الثالث ضعف سيطرة السلطة على مناطق وجود المقاومين، وتحديدًا في جنين، وهذا أعطى المقاومة قوة وزخمًا وحرية في الحركة والعمل والمقاومة، وتدرك الولايات المتحدة الأمريكية حقيقة ضعف السلطة، وتخشى تدهور الأوضاع بفلسطين وزيادة الخسائر في صفوف المحتلين الإسرائيليين، وفق سباعنة.

ومن وجهة نظر الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات، تؤكد اللقاءات السياسية والأمنية في رام الله أهمية القضية الفلسطينية ومركزيتها في الشرق الأوسط وأنه لا يمكن تجاهلها، وأن ما شهدته الضفة في أشهر الماضية ربما أعاد حسابات العديد من الأطراف السياسية باتجاه ضرورة الاهتمام بالشأن الفلسطيني، خوفًا من الاشتعال الميداني.

ويرى بشارات في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن تلك الأطراف تحاول بلورة منظور سياسي للقضية الفلسطينية حتى لا تنجر الأوضاع إلى مواجهة مباشرة، بعد الأحداث الأخيرة وتهديد المتطرف "بن غفير" بمواصلة اقتحام المسجد الأقصى، والسعي إلى تقسيمه زمانيًا ومكانيًا، ما أزعج الأردن التي تحركت على جميع الصعد.

الأمر الآخر وفق بشارات، أن الولايات المتحدة تتحرك أفقيًا لتهدئة "سعار" حكومة بنيامين نتنياهو الفاشية بالذهاب إلى خطوات متعجلة، وموازنة ذلك مع أهداف أخرى تسعى واشنطن إلى تحقيقها.

ولفت إلى أن اللقاءات السياسية تأتي في وقت يحاول الاحتلال تنفيذ مجموعة من المخططات الاستيطانية، وإضعاف دور السلطة، والتعامل مع الوضع الفلسطيني ببعده الأمني، وتجاوز الكيان السياسي.

وضع أمني متدهور

وتدرك الأطراف الزائرة لرام الله أن استمرار الأوضاع هكذا يجعل المنطقة تبقى على "فوهة بركان"، وبالتالي تتشابك الحالة الميدانية وتتقاطع، ما دفع بهذه الأطراف إلى التحرك لمنع حدوث مواجهة، أو تأخيرها تحت مفهوم إدارة الصراع، كما يقرأ الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف.

ويشير عساف إلى أن المسؤولين خاصة من الوفود الأمريكية، التي ضمت مدير المخابرات، ومسؤول الأمن القومي، ووزير الخارجية الأمريكي بلينكن، وهم بأعلى مستوى بعد الرئيس ونائبه، كلهم جاؤوا بهدف معلن، وهو خفض التوتر والتصعيد في المنطقة، وتأكيد الدعم الكامل للاحتلال في كل ما يقوم به.

ويرى عساف لصحيفة "فلسطين"، أن الأطراف الإقليمية والدولية تحاول الضغط على السلطة أو رشوتها بشكل أو بآخر، عبر الحديث عن "حل الدولتين"، ودفع أموال، كما أعلنت وزير الخارجية الأمريكي عن التبرع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بمبلغ 50 مليون دولار.

ويعتقد أن "ورطة" أمريكا بدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا، وتركيزها على الصراع مع الصين في جنوب شرق آسيا، يدفعها إلى تجنب انفجار الأوضاع في الشرق الأوسط، لذلك الهدف هو احتواء الحالة لصالح عدم نشوء صراع جديد في المنطقة.

اقرأ أيضاً: غضب وسخط على أجهزة السلطة لقمعها مسيرة رافضة للاعتقال السياسي بنابلس

وفي وقت أعلنت فيه السلطة وقف التنسيق الأمني بعد مجزرة الاحتلال في جنين، رأى عساف، أن السلطة تناقض نفسها بين عدم الاستجابة للإرادة الشعبية المطالبة بوقف التنسيق الأمني، وفي المقابل استجابتها للضغوط الأمريكية باستمراره.

وعلى الرغم من أن اللقاءات الجارية تعمل على الالتفاف على الحالة الجماهيرية والشعبية، يعتقد عساف أنه حتى لو نجحت فسيكون النجاح مؤقتًا، كون إرادة الشعب متماسكة وستبقى تهزم تلك المحاولات.

ويضيف أن الشعب الفلسطيني سيفشل كل محاولات الالتفاف، حتى لو نجحوا بالضغط على السلطة للعودة إلى المراحل الأولى، ومحاولة تكريس عقيدة الجنرال الأمريكي "كيث دايتون" كما تحدثت وسائل إعلام أمريكية.