لم تمهل سلطات الاحتلال الإسرائيلي عائلة الأسير حسام مطر (40 عامًا) في قرية جبل المكبر، جنوب شرق مدينة القدس كثيرًا حتى هدمت أمس منزلها المكوّن من طابقين ويؤوي 11 فردًا منهم زوجة الأسير وأبناؤه، إضافة إلى عائلة شقيقه راتب مطر (50 عامًا).
وقال مطر لصحيفة "فلسطين": إن سلطات الاحتلال أمهلتنا بضعة أيام قبل تنفيذ عملية الهدم بعدما تلقينا إخطارًا، لكننا لم نتوقع أن ينفذ الاحتلال قراره بهذه السرعة.
وبيَّن أن سلطات الاحتلال تستغل تشديد الحالة الأمنية بعد مقتل 10 مستوطنين في القدس في عملية إطلاق نار نفذها الشاب المقدسي الشهيد خيري علقم (21 عامًا) من قرية الطور شرق المسجد الأقصى، لتنفيذ عمليات هدم جديدة.
اقرأ أيضاً: تقرير عمليات بطولية متواصلة.. القدس تُضمّد جراح أهالي شهداء جنين
ولفت إلى أن الاحتلال يحاول الانتقام من المقدسيّين، خاصة ممن لم يحصلوا على ما يسمى "تراخيص بناء" ضمن السياسة المعتمدة منذ سنوات طويلة لفرض وقائع جديدة على الأرض تهدف إلى تهجير الأهالي.
وأضاف مطر أن هذا المنزل ليس الأول الذي تهدمه قوات الاحتلال للعائلة، فقبل 30 سنة هدم الاحتلال منزلًا تملكه في جبل المكبّر أيضًا بحجة عدم الترخيص.
ويعمل مطر مقاول بناء منذ أعوام طويلة، ولم يترك وسيلة إلا وسعى من خلالها لاستصدار الأوراق والتراخيص اللازمة من مؤسسات الاحتلال في القدس.
وبيّن أن سلطات الاحتلال فرضت عليه ضرائب باهظة بسبب البناء بدون ترخيص، بلغ مجملها أكثر من 160 ألف شيقل، وقد أوكل قضيته إلى محامٍ إسرائيلي بلغت تكلفة أتعابه قرابة 40 ألف شيقل، ولم يتمكن من جلب الأوراق اللازمة.
وبينما دان مطر عمليات الهدم الإسرائيلي في القدس، شدّد على ضرورة التعاطف والتضامن مع الأهالي الذين يتعرّضون لانتهاكات وجرائم يومية.
وتابع: إن "السلطة مقصّرة تمامًا بحق مدينة القدس وأهلها، ويتوجّب عليها تفعيل دورها في حماية ودعم صمود المقدسيّين في وجه الجرائم الإسرائيليّة".
أما عن شقيقه حسام الذي يقضي حكمًا بالسجن للسنة الـ16 على التوالي، ويقبع حاليًا في سجن جلبوع، فهو الآخر تجشم عناءً كبيرًا خلف القضبان.
وكانت قوات الاحتلال اعتقلت حسام سنة 2007، وأصدرت ضدّه محاكم الاحتلال حكمًا بالسجن المؤبَّد بتهمة قتل متخابر مع الاحتلال، والمشاركة في أعمال مقاومة.
وطالب مطر شقيقه بعدم اليأس والحفاظ على معنويات عالية رغم انتهاكات الاحتلال بحقه وعائلته التي أصبحت مشرّدة بلا مأوى بعد الهدم.
وقال مطر: إن عملية الهدم لن تزعزع عزيمتنا وإرادتنا، ولن نرحل عن القدس مهما بلغت جرائم الاحتلال.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لعملية الهدم، وثّق المصورون فيها مدى حجم الألم الذي هيمن على أفراد عائلة مطر، خاصة فئة النساء اللاتي بكيْن بشدّة بعدما فقدت العائلة مأواها.
اقرأ أيضاً: هيئة مقدسية: سياسة الهدم المتصاعدة تستهدف الوجود الفلسطيني
وهذه العائلة المقدسيّة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة التي يهدم الاحتلال منزلها في القدس ضمن مخطط التهجير وتغيير الواقع الديمغرافي لصالح المستوطنين اليهود، إذ تمتد عمليات الهدم منذ عشرات السنين.
وأدّت مخططات الاحتلال، حسبما أفاد به الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب، إلى زيادة كبيرة في أعداد المستوطنين بواقع 220 ألف مستوطن في الجزء الشرقي من المدينة المقدّسة.
وبيَّن أبو دياب لـ "فلسطين"، أن المساحة المتبقية للمقدسيّين للسكن والعيش فيها تبلغ 13 بالمائة من إجمالي مساحة القدس البالغة أكثر من 120 كيلومترًا مربعًا.
أما عدد المنشآت التي هدمها الاحتلال منذ عام 1967 وحتى منتصف 2022، فقد وصل إلى 5695 منشأة، 87 بالمائة منها منازل مواطنين، بينها 579 منزلاً أُجبر أصحابها على هدمها.