في ظاهرة نادرة الحدوث، سيكون العالم اليوم على موعد مع المذنب (ZTF) المعروف باسم "المذنب الأخضر"، وهو يقترب من أدنى نقطة له من كوكب الأرض، بحيث يمكن مشاهدته بالعين المجردة في نصف الكرة الشمالي، ولا سيما المناطق التي تتمتع بسماء صافية ليلًا.
ووفقًا للإذاعة الوطنية الأمريكية (NPR)، اكتشف الباحثون في منشأة (Zwicky Transient) الفلكية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، المذنب (C/2022 E3 (ZTF)) في مارس/ آذار 2022، وحظي بلقب "المذنب الأخضر" بسبب وهجه.
ويظن العلماء أن هذا المذنب يأتي من سحابة أورط (Oort)، التي تقع في الجزء الخارجي من المجموعة الشمسية.
لكن اللافت أن الحسابات التي أجراها الفلكيون من وكالة الفضاء والطيران الأمريكية (ناسا)، بيّنت أن هذا المذنّب يقطع دورة كاملة حول الشمس مرة كل حوالي 50 ألف سنة، مما يعني أن آخر مرور له بكوكبنا كان في العصر الحجري، خلال فترة لم يعرف فيها البشر -إن كانوا موجودين آنذاك- إلا الأحجار لصنع الأدوات التي يحتاجون إليها من سكاكين لقطع الطعام أو أسلحة للقتال، وسيمر من هنا في المرة القادمة على جيل من أحفادنا بعد 50 ألف سنة.
وسيظهر المذنب (سي/ 2022 إي 3) خافتًا إلى حد كبير، لذلك يفضل إذا رغبت في رصده بأدق صورة ممكنة أن تبحث عنه في منطقة نائية، ومن المؤكد أن استخدام النظارة المعظمة أو التلسكوب سيجعل الرؤية أفضل بكثير.
ووفقًا لشبكة (سي إن إن) الأمريكية، فإن المذنّب عند وصوله إلى أقرب نقطة من الأرض، سيبقى أبعد من مسافة القمر عن كوكبنا بـ100 ضعف.
وسيتيح هذا الحدث الفرصة لهواة التصوير الفلكي كي يلتقطوا مجموعة من أروع الصور، ففي يومي 10 و11 فبراير/ شباط سيمر المذنب على مسافة قريبة من كوكب المريخ الذي يلمع باللون الأحمر الواضح في السماء ليلًا، وبين يومي 13 و15 فبراير/ شباط سيمر أمام عنقود نجمي بديع يدعى "القلائص" (Hyades).
والمذنب جسم صغير يدور في النظام الشمسي، يتكون أساسًا من الجليد والغبار والجسيمات الصخرية الصغيرة، ويتراوح قطره بين بضع مئات من الأمتار وعشرات من الكيلومترات.
وكلما اقترب المذنب من الشمس تسخن مادته المتجمدة فتتحرر الغازات المحبوسة فيه، وذلك يتسبب في ظهور ذنب المذنب الذي يندفع دائما في الاتجاه المضاد للشمس، بتأثير الرياح الشمسية.
ومنذ سبعينيات القرن الماضي ووكالات الفضاء تهتم بدراسة المذنبات، وكان ذلك بشكل أساسي يقع من خلال مهام تمر بها وتلتقط صورًا وربما بعضا من الغبار الخاص بالمذنبات، ثم بعد ذلك تطورت المهام لتصبح اصطدامًا مباشرًا بجسم المذنب، لجمع البيانات في الأثناء القصيرة قبل الاصطدام، ثم إرسالها إلى الأرض.
وسبب اهتمام العلماء بالمذنبات هو أنها ببساطة سجلٌّ تاريخي محفوظ لأصول المجموعة الشمسية قبل 4.5 مليارات سنة؛ لذا ففهم طبيعتها سيفيد في فهم أصولنا في هذا الموضع من الكون.