ينتظر المزارع خليل طقطق بفارغ الصبر دوره في الوصول إلى أرضه التي تقع خلف جدار الفصل العنصري، شمال محافظة سلفيت، من أجل استغلال موسم تقليم أشجار الزيتون الذي بدأ في العاشر من نوفمبر العام المنصرم، ويخشى أن ينتهي دون أن يمنحه الاحتلال تصريحًا يمكّنه من ذلك.
المزارع طقطق (50 عامًا) يمتلك 42 دونمًا خلف الجدار، ولا يتمكن من الوصول إليها بسبب عراقيل الاحتلال الإسرائيلي سوى ثلاث مرات في العام، في مواسم الحراثة، والتقليم، والقطاف عدة ساعات محدودة في اليوم.
ويضطر طقطق للانتظار صباحًا لأكثر من أربع ساعات حتى يفتح الاحتلال بوابات الجدار، وبعد كل ذلك يمنعه من الدخول بسيارته نحو أرضه، فيضطر للمشي مدة نصف ساعة وهو يحمل معداته الثقيلة، وعند المغادرة يجبره على الانتظار أكثر من أربع ساعات أخرى في العراء في البرد القارس مساء.
يقول طقطق لـ"فلسطين": "منذ شهر قدمت طلبًا لما يعرف بـ"الارتباط المدني" للسماح لي بدخول الأرض من أجل تقليم أشجار الزيتون، ولكن حتى الآن يرفض الاحتلال منحي التصريح، وأخشى ضياع فرصة الحملة التي أطلقتها الإغاثة الزراعية الفلسطينية لمساعدة المزارعين في تقليم أشجارهم".
ويتابع: "هذه الحملة ستساهم في تشجيع المزارعين على الوصول إلى أرضهم وخدمتها، ورفع كفاءة إنتاج أشجار الزيتون، وحمايتها من الأمراض".
اقرأ المزيد:"فزعة" تحمي "شجر تشرين" من عداء المستوطنين
ويضيف: "الاحتلال يمنعنا من خدمة شجرة الزيتون كما يجب، وفي أفضل الأحوال يفتح بواباته مدة يومين أو ثلاثة وهي لا تكفي لتقليم 40 شجرة أمتلكُها، ناهيك بسرقة المستوطنين محصول الزيتون مدة خمس سنوات، إضافة إلى شتمنا بألفاظ نابية".
132 مزارعًا
ولم يختلف الأمر لدى المزارع أبو أيمن زيدية، الذي ينتظر حتى اليوم سماح الاحتلال له بتقليم أشجار الزيتون، واللوز، والتين في أرضه الواقعة في منطقة "واد عبد الرحمن" خلف جدار الفصل العنصري في محافظة سلفيت.
يقول أبو زيدية لـ"فلسطين": "لدي أرض بمساحة 23 دونمًا تحتاج إلى عناية على مدار العام وليس ثلاث مرات في العام كما يفعل الاحتلال بمزارعي تلك المنطقة، وجميع الأراضي الواقعة خلف الجدار، ومنهم من ملَّ وتركها بسبب إجراءات الاحتلال العقابية، واعتداءات المستوطنين المستمرة عليهم".
ويضيف: "نظرًا لتقدمي في العمر، لا أزال أزور الأرض بالرغم من الأوقات المتباعدة، ولكني أوكلت مهمة الاهتمام بالأرض لأبنائي، الذين يستصلحونها، ويعتنون بها على قدر استطاعتهم وسماح الاحتلال لهم بالوصول إليها".
ويشير أبو زيدية إلى أنه ليس المزارع الوحيد الذي ينتظر دوره في الوصول إلى أرضه، بل هناك 132 مزارعًا يحاربون من أجل السماح لهم بتقليم أشجارهم لزيادة إنتاجها، قبل انتهاء الموسم.
40 ألف شجرة
يبين مدير الإغاثة الزراعية في شمال الضفة الغربية عاهد زنابيط أن حملة تقليم أشجار الزيتون تستهدف قرى غرب جنين، وطولكرم، وسلفيت في الأراضي الواقعة خلف جدار الفصل العنصري، وبمحاذاة الجدار من الخارج، ويُمنع وصول المزارعين إليها على مدار العام، وتقييد عملية وصولهم إليها في موسم الزيتون بشروط معقدة.
ويوضح زنابيط لـ"فلسطين" أن الحملة تستهدف تقليم 40 ألف شجرة على مساحة 2000 دونم، تقع في مناطق تعاني مدًا استيطانيًا، أو تقع بين مستوطنات مستحوذة جدرانها على بعض الأراضي، والمزارعون ما يزالون يقطنون خلف الجدار حتى اليوم.
ويلفت إلى أن الحملة انطلقت من قرية نزلة الشيخ زيد المتاخمة للجدار مدة شهر تقريبًا إلى حين الانتهاء من التقليم في جميع المناطق المقرر تقليمها وفق الحملة.
ويشير إلى أن الإغاثة الزراعية أمدت المزارعين بأدوات التقليم اللازمة، مع توفير عمال لمساعدتهم في عملية التقليم، وبإشراف مهندسين زراعيين يدربون المزارعين على عملية التقليم.
وتهدف حملة تقليم أشجار الزيتون، بحسب زنابيط، إلى استصلاح الأراضي المهملة بسبب عراقيل الاحتلال الإسرائيلي، ومنع مالكيها من الوصول إليها، وتعزيز صمود المزارعين وتشجيعهم على الوصول إلى أرضهم، إضافة إلى التخلص من الأشجار الحرجية المعادية لنمو الأشجار، وهي السبب الأساسي في اشتعال الحرائق إذ يمنع الاحتلال وصول سيارات الإطفاء للقضاء على الأشجار، وتهجير الناس من الأراضي.
ويذكر أن تقليم الأشجار يحسن من إنتاجها، إضافة إلى أنه يعالج ويحمي الأشجار من الأمراض مثل مرض عين الطاووس، فوصول الشمس إلى جميع الأوراق بعد التقليم يقضي عليه ويحمي جميع الأرض من الإصابة به.
وعن الصعوبات التي تواجهها الإغاثة والمزارعين في تنفيذ الحملة، ينبه إلى أن الاحتلال يمنع المزارعين من دخول إلى أراضيهم، ونتيجة لذلك يصادرها بداعي الإهمال، ناهيك باستخدام بعض الأراضي مكبًا لنفاياته السامة، التي تتسبب في تسميم جميع الأراضي الأخرى، وليس الاقتصار على الأرض نفسها.