فلسطين أون لاين

الأسير حسان.. السجن ابتلع شبابه وحقنة خطأ أفقدته الحركة

...
قلقيلية/ غزة–فاطمة الزهراء العويني:

يستبد القلق بعائلة الأسير علي حسان وهي تسمع الأخبار الواردة من الجهات الحقوقية تفيد بأنه أصبح مقعدًا على كرسي متحرك بعد معاملة مجحفة وإهمال طبي متعمد تعرض له في إثر إجرائه عملية جراحية في معتقله، دون أن يتمكنوا من زيارته حتى اللحظة.

فزوجته سهراب حسان فوجئت بابنها محمد يدخل عليها في حالة انهيار تام بعد أن قرأ تقريرًا لـ "نادي الأسير" يفيد بأن والده قد أصبح مقعدًا، تقول حسان: "أنا أمية لا أجيد القراءة والكتابة، قرأ لي محمد ما كُتب بخصوص والده، لم أستطع تصديق الأمر، منعونا من زيارته بزعم وجود نقل بين السجون، وفي هذه المدة القصيرة أجروا له عملية جراحية، ولم يهتموا به الاهتمام اللازم بعدها".

وتشير إلى أن إدارة سجون الاحتلال لم تسمح لهم بزيارته الشهر الفائت لأنها ستجري عملية تنقل بين السجون، حيث نُقل من سجن هداريم في الشمال إلى سجن نفحة في الجنوب عبر سيارة البوسطة بعد ثلاثة أيام فقط من إجرائه عملية فتق، "إنها قمة الظلم واللا إنسانية".

وتلفت إلى أن علي "53 عامًا" يعاني مشكلات صحية في قدميه عقب تعرضه لخطأ طبي داخل سجون الاحتلال، ففي عام 2014 أُصيب الأسير بآلام أسفل ظهره ونقل حينها إلى مستشفى" أساف هروفيه"، وهناك أعطاه أطباء الاحتلال حقنة أفقدته القدرة على الحركة وسببت له صعوبة في المشي.

تقول: "كان شابًّا فتيًّا لا يشكو من أي أمراض، ولكنني اليوم أحاول تمالك نفسي أمام أبنائي الذين يشعرون بالقلق الكبير على أبيهم في ظل الأخبار السيئة عن صحته".

ويرفض ابنها محمد "26 عاماً" فكرة الارتباط في غياب أبيه المحكوم بالسجن المؤبد و7 سنوات، وبالكاد تقبّل فكرة شقيقه فراس وشقيقته، "وهو مصمم على عدم الزواج وأبوه داخل السجن (..) في الحقيقة لم يكن الأمر سهلاً على أيّ منّا".

حياة صعبة

ولم يكن تسيير مركب البيت في غياب "علي" بالسهل البتة على "سهراب" التي تركها زوجها وعمرها 24 عاماً، ولديها ستة من الأبناء أكبرهم يبلغ من العمر سبعة أعوام وأصغرهم خمسة أشهر، إضافة إلى شقيقة له من ذوي الاحتياجات الخاصة وأمه المريضة.

وتشرح بالقول: "كان الأمر صعبًا وازداد الأمر صعوبة لكوني غير متعلمة لكنني عاهدتُ نفسي على تربيتهم وتعليمهم حتى يحققوا أفضل المراكز وقد فعلوا ذلك ورأيت نتائج تعبي، فهم الآن سندي في غياب أبيهم".

وتمضي بالقول: "تطلَّب مني ذلك الكثير من الصبر والجلد، كنتُ أحبس دموعي كلما جاء أحدهم بشهادة له ويخبرني بأمنيته أن يُريها لأبيه، كنت أطلب منهم الصبر وأن يدركوا أن أباهم على قيد الحياة وبإمكانهم التواصل معه ولو بصعوبة، وهو أمرٌ يتمناه الكثيرون ممن فقدوا آباءهم للأبد".

وفي الوقت ذاته، فإن الأسير علي دائمًا ما يردد على مسامع زوجته بأنه يتمنى لو يشاركها فرحتها في نجاح أبنائهما وزواجهم وهو خارج السجن.

وتلفت إلى تنافس زوجها مع أبنائه في مراحلهم الدراسية المختلفة، فإذا ما أحرز درجة أعلى من أحدهم يغضب منهم ويحثهم على الاجتهاد أكثر، "لكن ما يؤلمنا الوضع الصحي الصعب الذي يعيشه، والإهمال الطبي الذي يتعرض له، إذ لا يقدمون له العلاج والفحوصات إلا بشق الأنفس".

صبر وعزيمة

ويحدثنا ابنه البكر "فراس" عن الحياة الصعبة التي عاشوها في غياب الأب، حتى استطاعت أمهم بالرغم من كل الصعوبات تنشئتهم وتعليمهم، حتى أصبحوا شبابًا.

أما شقيقه أسامة "24 عاماً" فيشعر بالحسرة لكونه لم يعايش والده ولم يستطع شم رائحته أو الارتماء في حضنه أبداً، "اعتقل والدي وأنا أبلغ من العمر ثلاث سنوات فقط، لا أذكر شيئاً من تلك اللحظات، ربتنا أمي حتى تخرجنا من الجامعة".

واستدرك أسامة بالقول: "لكن أبي كان الداعم لنا من وراء القضبان، فمنه نستمد الصبر والعزيمة، حتى أنه تقدم للثانوية العامة مرتين، من باب التشجيع لنا، فقد كان أكبر محفز لي على النجاح أنني كنت أتقدم للامتحانات أنا وأبي في الوقت ذاته".

ويشير إلى أن والده الأسير لم يكتفِ بدراسة الدبلوم بل أيضاً درس البكالوريوس والآن يدرس الماجستير كنوع من التشجيع والدعم النفسي لأبنائه "لا نشعر بفرق العمر بيننا وبين والدنا، فهو زميلٌ لنا في الدراسة".

لكن ما يقلق الممرض "أسامة" وضع والده الصحي، "فأبي كان شابًا فتيًّا رياضيًا هكذا كنتُ أراه في زياراتي وأنا صغيرٌ له في سجنه، ثم فجأة تعرض لانتكاسة صحية كبيرة في عام 2014، وبالرغم من أنه يحاول إخفاء تعبه الصحي عنا فإن ملامحه تشي بمرضه، وافتقاده العناية والاهتمام".

المصدر / فلسطين أون لاين