من الطبيعي أن الاعتداءات على الأسيرات القابعات في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي قد أصابت قلب كل فلسطيني، وحركت مشاعرنا ودوافعنا تجاههن، بالإسراع في الاستجابة بما يمليه علينا الواجب الوطني، والأخلاقي، والديني، والإنساني، لنصرتهن ورفع الظلم والإرهاب الصهيوني المتمادي بحقهن.مؤسسات تكشف تفاصيل ما تعرضت له الأسيرات من اعتداءات
إن الأسيرات يتعرضن باستمرار لكل أنواع التنكيل والتّعذيب من سلطات الاحتلال، بدءًا من الاعتقال من المنازل وحتى النقل إلى مراكز التوقيف والتحقيق، ولاحقًا احتجازهن في السجون. وبعدها تبدأ رحلة العذاب التي تمارسها سلطات الاحتلال بحقهن -بحسب نادي الأسير الفلسطيني- تتمثل أساليب التعذيب والتنكيل بإطلاق الرصاص عليهن في أثناء الاعتقالات، وتفتيشهن تفتيشا عاريا، واحتجازهن داخل زنازين لا تصلح للعيش، وإخضاعهن للتحقيق مددا طويلة، ترافقه أساليب التعذيب الجسدي والنفسي، ومنها: الشبح بوضعياته المختلفة، وتقييدهن طوال فترة التحقيق، والحرمان من النوم لفترات طويلة، والتحقيق المتواصل، والعزل والابتزاز والتهديد، ومنع المحامين من زيارتهن خلال فترة التحقيق، وإخضاعهن لجهاز كشف الكذب، والضرب المبرح كالصفع المتواصل، علاوة على أوامر منع النشر التي أصدرتها محاكم الاحتلال، كما تعرضت عائلاتهن للتنكيل والاعتقال والاستدعاء كجزء من سياسة العقاب الجماعي، بل أكثر من ذلك، إذ تُنفذ ما تسمى إدارة سجون الاحتلال بحقهن سلسلة من السياسات والإجراءات التنكيلية والضغوط النفسية منها: الإهمال الطبي، والحرمان من الزيارة، وحرمان الأسيرات الأمهات من الزيارات المفتوحة ومن احتضان أبنائهن.
ولا بد من الإشارة إلى أن سياسة اعتقال النساء التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلية متواصلة وممتدة على طول زمن الاحتلال للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، فقد تم توثيق اعتقال أكثر من 16000 فلسطينية، ومنذ عام 2015 وحتى نهاية العام الماضي 2021، اعتقل الاحتلال نحو 1100 من النساء والفتيات، ولا يزال 29 أسيرة يقبعن في سجن الدامون الصهيوني.
ونشير إلى إجراءات الاحتلال العنصرية، بتحويل الأقسام العادية إلى عزل جماعي، من خلال سحب مستلزمات الأسرى اليومية والأدوات الكهربائية، والخبز، بإغلاق مخابز “البيتة” بقرار من المتطرف بن غفير.
وكذلك قرارات “الكينست” بترحيل أسرى الداخل المحتل وسحب الهوية منهم، ومصادرة ممتلكاتهم، إضافة لنيتها سن قانون إعدام الأسرى عملا بنظام الفصل العنصري.
ويتزامن ذلك مع زيارات مسؤولين أمريكيين للكيان، وتجاهل أكبر قضية إنسانية في التاريخ الحديث على الإطلاق وهي قضية الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجونه منذ عقود طويلة.
كل ذلك يكفي لإيصال الرسالة لمن يهمه الأمر، أنه مقصر كل التقصير تجاه قضية الأسرى، عندما يتعاون مع الاحتلال ويتآمر على شعبه، بزعم الاتفاقية الأمنية التي تخدمه على حساب الشعب الفلسطيني، وهو الذي يأخذ زمام المبادرة بيده ليدافع عن نفسه وعن الأسرى والمسرى، كيف لا وقد كفر بكل الاتفاقيات التي كبلته لعقود طويلة وقد جردته من جميع حقوقه المشروعة ولم تحل أيًّا من القضايا الأساسية، وعلى رأسها قضية الأسرى.
كذلك تتزامن الاعتداءات على الأسيرات مع العقوبات الجماعية التي تفرضها إدارة السجون الإسرائيلية لعزل نحو 230 أسيرا، والاعتداء بالضرب على بعض الأسرى في عدة سجون، وعلى رأسها مجدو، والنقب، وعوفر، وأن هذه القرارات منسجمة مع توجهات حكومة الاحتلال الإسرائيلية المتطرفة بتشديد الخناق عليهم، للنيل من صمودهم.
أعتقد أن الضغط سيولد الانفجار فما تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلية من إجراءات قمعية بحق الأسرى الفلسطينيين سوف يؤدي إلى انفجار داخل السجون وخارجها، وفي المقابل يجب على الفلسطينيين نصرتهم على المستوى الرسمي والتنظيمي والشعبي، وألّا يقتصر الأمر على التضامن التقليدي وإن كان هذا أيضًا مهمًّا ومطلوبًا، وأنه استحقاق قبل أن يكون واجبًا علينا.