أخبرني صديقي رغبته بشراء سيارة حديثه، وانه سيباشر اجراءات الشراء خلال يومين، لأتفاجأ بعد أيام باتصال منه متسائلا ما الذي جرى، ارتفع سعر السيارة التي كنت أنوي شراءها قرابة الألف دولار بين ليله وضحاها!
الأمر الذي دفعني للبحث والسؤال، لأجد مواقع التواصل الاجتماعي تضج بأخبار مصدرها تجّار السيارات تزعم ان وزارة المالية في غزة قامت بفرض تعلية جمركية بشكل مفاجئ على السيارات المستوردة، وطالت السيارات المستوردة قبل القرار والموجودة في المعارض!
وبالتواصل مع كل الجهات ذات العلاقة تبيّن لي عدم دقة رواية التجّار اذ لم يطبق حتى اللحظة اي قرار بفرض تعلية على السيارات، كما علمت أن توافق تم في مرحلة ما بين مالية غزة وجمعية مستوردي السيارات لإقرار تعلية لصالح صندوق السلامة المرورية شرط استثناء حوالي ٦٠٠ سيارة دخلت غزة مؤخرا ولم تنه اجراءاتها بعد، ولكن الجمعية تراجعت لاحقا.
ومع ذلك فإن النقاش لا يزال يدور حول ارتفاع أسعار السيارات في غزة والتي تعد الأعلى عالميا، لارتفاع الجمارك التي تستوفيها الحكومة في رام الله وتتحصل على نسبة 50% جمرك بينما وزارة المالية في غزة لا تحصل فعليا أية رسوم جمركية منذ ١ نوفمبر ٢٠١٧.
في الوضع الطبيعي انخفاض قيمة الضريبة سيؤدي الى انخفاض تكلفتها، الأمر الذي لم نشهده في قطاع غزة، منذ 2017 (تاريخ توقف الجمارك التي كانت تحصلها المالية في غزة) إذ أن أسعار السيارات لم تختلف، وبقيت أسعارها مرتفعة ويستفيد فقط التجار الكبار الذين زادت شهيتهم للاستيراد، بل ان جشع بعضهم دفعهم لاستصدار بيانات جمركية غير حقيقية بقيمه أقل بكثير من ثمن السيارة ليخفض الجمرك لحكومة رام الله مقابل تعظيم أرباحه ما دفع "رام الله" لاعتماد التعرفة الجمركية وفق سعر محدد متعارف عليه لكل نوعية بديلا عن البيان الجمركي غير الحقيقي الذي يتقدم به المستوردين.
مما سبق يتضح أن الأزمة الحقيقية تكمن بالمقدار الكبير من هامش الربح الذي يريده المستورد والجمارك التي تفرضها حكومة رام الله.
وليهرب المستوردون من استحقاق التعلية التي اقترحتها مالية غزة لدعم صندوق السلامة المرورية، ومعالجة العدد الكبير من السيارات بإتلاف السيارات القديمة وغير المطابقة، أوهم الجميع أن هذه مبالغ اضافيه مفروضة على السيارات والذي سيتحمل تبعاتها المواطن لتجييش الشارع في غزة وتحميل المستهلكين مبالغ مالية اضافية دون المساس بهامش ربحه، علما أن ما تقترحه المالية في غزة هو تعليه بقيمة لا تزيد عن 12% على الفرق بين مبلغ البيان الجمركي المقدّم من التاجر وبين مبلغ التعرفة الجمركية الذي تفرض عليه حكومة "رام الله" الجمرك، مما يعني ان أسعار السيارات الأصل ألّا تتأثر.
وبناءً على ما سبق ينبغي على الحكومة في غزة القيام بالإجراءات التالية حتى لا يقع المواطن فريسه لجشع التّجار:
1- عدم ترك تحديد الأسعار للعرض والطلب والتدخل في وضع دليل سعري استرشادي لجميع أنواع السيارات.
2- ضرورة وضع خطة حقيقية لتقنين أعداد السيارات في غزة مبنيه على اتلاف السيارات القديمة وتعويض أصحابها، وربط ادخال أي سيارة جديده بإتلاف قديمة، للتخلص من حالة الازدحام المروري.
3- تنظيم جولات تفتيش ومراقبه دائمة للأسواق وعدم السماح بأي احتكار قد ينتج.