سلك طريق المعاناة منذ إصابته في العدوان الإسرائيلي الأول على قطاع غزة شتاء عام 2008، إذ بُترت قدمه. حينها ولم تكن الإصابة بالأمر السهل على فتى في الرابعة عشرة من عمره اعتاد التنقل والركض في الطرقات بحرية.
يقول أسامة شملخ: "اجتزت الإصابة بصعوبة، فالصعود والنزول من المنزل كان يمثل لي مشكلة عندما كنت صغيرًا، وشعرت بثقل الأمر عندما دخلت الجامعة وبدأت أتردد على المباني والمؤسسات المجتمعية والتي في معظمها غير موائمة للأشخاص ذوي الإعاقة، من هنا جاءت فكرة تصميم مصعد خاص بتلك الفئة لأضع بين أيديهم حلول والتصاميم الهندسية تخفف معاناتهم".
بقيت تصاميم مصعد "أنا أستطيع" الذي أعده أسامة "33 عامًا" كمشروع تخرج جامعي، حيث درس هندسة إلكترونيات سيارات، وهندسة تكنولوجيا معلومات تخصص شبكات حاسوب، حبرًا على ورق إلى أن رأت النور حديثًا.
يقول: "أستخدم طرفًا اصطناعيا بديلًا ولكنه ليس حلًا بالنسبة لذوي الإعاقة الحركية، فالصعود والنزول عن السلالم مجهد، وذلك قادني لمشروع المصعد لأُعين نفسي وغيري ممن يعانون مثلي عند عدم توفر مصعد في العمارات السكنية أو المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني، أو منشآت ترفيهية غير موائمة".
رسم أسامة مخططات المصعد في عام 2013 وبقيت طي الأوراق لعدم توافر حاضنة مقتنعة بجدواها وقابليتها للتطبيق، حتى اهتدى إلى واحدة ساعدته في تنفيذ أول نموذج لمؤسسة إيطالية بغزة تقدم خدمات لذوي الإعاقة.
حرص أسامة في النموذج على حل مشاكل متعددة، أولها أن يكون المصعد رخيص الثمن وفي متناول الجميع، خاصة أن ثمن المصاعد الكهربائية العادية يقدر ثمنها بنحو 20 إلى 25 ألف دولار، مما يصعب على كثيرين توفيره في بيوتهم.
وأما المشكلة الثانية، فهي الحفاظ على ديمومة التيار الكهربائي للمصعد، وهي مشكلة رئيسة يواجهها قطاع غزة منذ سنوات، لذلك عمل على تصميم جهاز يمد المصعد بالطاقة لمدة 52 ساعة، كما يمكنه على الطاقة الشمسية.
وسعى أيضًا في المصعد الخاص بذوي الإعاقة لأن يتميز بسهولة الفك والتركيب ومرونة الحركة، وتصميمه بطريقة توائم تصميم المبنى ما يساعد المؤسسات على تركيبه، ويتناسب مع أماكن سياحية وأثرية، مشيرًا إلى أن "80% من تلك الأماكن سواء في غزة أو خارجها لا يتواءم مع السياح من ذوي الإعاقة، مشيرًا إلى أن التصاميم القديمة لم تكن تراعي ذلك لأن حركة الإعاقة نشطت بعد الألفية".
ويضيف أسامة: "صمّمتُ مصاعد تختلف في الشكل وآلية الحركة والتصميم حتى تتناسب مع مختلف المباني سواء القديمة والأثرية دون شروط أو قيود أو حتى إحداث تغيير أو حتى إضافة خرسانة اسمنتية".
ومن المعروف أن المصعد الكهربائي يلزمه عند التصميم كتلة خرسانية تكلفتها مرتفعة، غير أن المصعد التي صُمم لذوي الإعاقة لا يلزمه بناء خرساني.
ويمكن للمصعد البالغة مساحته (أبعاده 120سم*100سم) رفع حمولة تزن 250 كيلوجرامًا، وهو "بانوراما مكشوف" مزود بأنظمة حماية والسلامة، ومجسات تقوم بقراءة المتغيرات المحيطة بالمصعد وإرسالها إلى اللوحة الأم، ليتم ترجمة هذه الإشارات إلى أوامر حركية تتفاعل مع المستخدم من خلال الصوت أو الشاشة أو المصابيح وذلك لتتناسب مع الأشخاص متعددي الإعاقة.
ويشير إلى أن تطبيق فكرة المصعد استمر قرابة ثلاثة أشهر وخضع للعديد من التجارب للتأكد من سلامته.
ولدى شملخ خطة تطويرية وبعض المخططات الهندسية لإجراء بعض التعديلات الجوهرية على المصعد في النظام الحركي ونظام الأمان الذي يهم المستخدم، إضافة إلى الشكل الخارجي.
ويطمح بأن يتمكن من إنجاز مشروعه الخاص بتأسيس شركته الخاصة لتصميم وصناعة مصاعد ذوي الإعاقة، ولا يألو جهدًا في الاشتراك بالمسابقات الإبداعية والريادية لطرح فكرته وشرحها للاستفادة منها كجزء من الانتماء الوطني والارتقاء.