حجم الفرح الكبير الذي غطى مساحة الوطن فلسطين، وانتقل حتى غطى مساحة الوطن العربي والإسلامي، هذا الفرح بعملية المقاومة للاحتلال جديرة بالنظر والتفكر، ولا سيما أن حالة الفرح كانت عفوية وتلقائيه، لم يحرص أحد على تنظيمها، ولم يطالب أحد من الجماهير بالتحرك لتعبر عن مشاعرها، ومكنون وجدانها.
الفرح الفلسطيني بالتحديد يبعث برسائله إلى قيادة السلطة، بأن هذا هو مزاج الشارع الفلسطيني، إنه عاشق للمقاومة، وأنه يرفض كل أشكال التواصل أو اللقاء مع الإسرائيليين إلا في ساحات الوغى، وأن الشعب الفلسطيني ليس خوارًا، ولا ضعيفًا، ولا عاجزًا، شعب قادر على ابتداع وسائل المقاومة بشكل يفاجئ الصديق، قبل أن يربك حساب العدو.
والفرح الفلسطيني والعربي يبعث برسائله إلى الأنظمة العربية، بأن اللقاءات والاجتماعات والتطبيع مع هذا العدو الإسرائيلي يتعارض مع مزاج الأمة العربية كلها، فالغضب الذي تفجر في العاصمة الأردنية عمان ضد العدوان على مخيم جنين، انتقل إلى فرح غامر بعد العملية البطولية التي فجرها بطل عملية القدس الشهيد خيري علقم، ابن مخيم شعفاط، الذي أكد أن المخيم الفلسطيني ما يزال يمثل العنوان للقضية الفلسطينية، فالمخيم هو قضية اللاجئين، والشاهد على الإرهاب الإسرائيلي، وهذه رسالة إلى قيادة الأنظمة العربية، بأن أرض فلسطين مغتصبة، وأن دولة الكيان أنشئت على حساب شعب ما يزال لاجئًا، وأن الجماهير العربية شاهدة على جريمة اغتصاب فلسطين.
والفرح الفلسطيني والعربي والإسلامي بعملية المقاومة البطلة، يبعث برسائله إلى العدو الإسرائيلي، بأن بقاءكم فوق هذه الأرض مرتبط بزمن محدود، وأن استقراركم الزائف، واقتصادكم الكاذب، وحتى أسلحتكم الحديثة والمتطورة والتكنلوجية، لن تغنيكم عن مسدس ثائر، ولن تصد غضبة شعب، ولن تعطيكم الأمن الذي تحلمون فيه، وأن خرافة الأرض المباركة طريق فنائكم، وأن فلسطين عطية الرب لكم، هي أكذوبة الساسة الطامعين في السيطرة على المنطقة، وسرقة خيراتها.
لقد هزم خيري علقم الفكرة الصهيونية بالسيطرة على المنطقة، وبتصفية القضية الفلسطينية، ولهذا تحرك الرئيس الأمريكي بسرعة، وعدَّ عملية القدس هجوماً على العالم المتحضر، وأبدى استعداده لتقديم كل الدعم والإسناد لـ(إسرائيل)، كي تبقى على قيد الحياة، كي لا تنهزم، إن رسالة بايدن المرتبكة لتؤكد أن الكيان الصهيوني ضعيف إلى الحد الذي لا يحتمل ضربات المقاومة، وهو بحاجة إلى وقوف الاتحاد الأوروبي بالبيان الداعم، وهو بحاجه إلى الدعم الأمريكي، وما دون ذلك، فهذا الكيان أمسى مكروهًا على مستوى المنطقتين العربية والإسلامية، بل الكيان هو السبب في عدم الاستقرار في المنطقة، والكيان سبب كل الحروب الداخلية، وسبب لكل ما تعانيه المجتمعات العربية من فقر وجوع، وتدنٍ لمستوى المعيشة، وهذه حقائق يدركها الإنسان العربي بفطرته، ويعانيها المسلم، الذي أدرك أنه المستهدف بمؤامرة دولية، على رأسها الصهيونية، لذلك كان الفرح بعملية القدس فرحاً فلسطينياً، وعربياً، وإسلاميا، بل كان فرحاً إنسانياً.
ملحوظة: في أكتوبر 2020 كتب خيري علقم على صفحته في الفيسبوك:
القناص الصحيح في المكان المناسب، خيرٌ من ألف جندي في ساحة المعركة.
لقد صدق البطل خيري علقم، وارتقى، بعد أن كان القناص المناسب، في الوقت المناسب، وفي الزمن المناسب.