فلسطين أون لاين

انتقدوا رد الفعل الباهت للمسلمين تجاه حادثة حرق المصحف

دعاة فلسطينيون وعرب يطالبون بتكثيف العمل لتعريف أوروبا بالإسلام

...
إسطنبول/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

عدَّ دعاة مسلمون أنّ ردة الفعل الرسمية والشعبية في الدول العربية والإسلامية تجاه حادثة حرق المصحف الشريف في السويد دون المطلوب شرعًا، لافتين إلى أنه بوسع المسلمين اتخاذ خطوات أكثر قوة تُجبر المعتدين على الاعتذار، وعدم تكرار هذه الأفعال المشينة.

وفي تظاهرة أمام السفارة التركية في ستوكهولم، السبت الماضي، أقدم المتطرّف السويدي الدنماركي راسموس بالودان على حرق نسخة من المصحف.

عمل حقير

رئيس جمعية الشريف للعلوم الإسلامية في تركيا الشيخ المصري د. عبد الخالق الشريف عدَّ أن حرق المصحف عمل تحتقره البشرية كلها أيًا كانت ديانة أفرادها قائمة على احترام بعضها البعض إلا أن هناك عداء وكره ساكن في قلوب هؤلاء الذين يقومون بمثل هذه الأفعال، "وللأسف فهم لا يكرهون إلا الإسلام وما وجدانهم حرقوا كتابًا لبوذا ولا لعباد البقر ولا يهينون يهوديًا أو نصرانيًا".

وقال: "فالحقد كله ساكن في قلوبهم تجاه الإسلام منذ أيام عبد الله بن سبأ وحيي بن أخطل والحروب الصليبية، فهم يناصبون الإسلام العداء الشديد".

وعدّ الشريف تفرق الأمة المسلمة وعدم وحدتها هو السبب الأساسي في هذه الاعتداءات، "فلو أن هناك اتحاد للدول الإسلامية أو العربية لو من ناحية اقتصادية على الأقل، أو مقاطعة اقتصادية لتلك الدول لما تجرأوا على ديننا أبداً".

وقال: "للأسف العرب والمسلمون متفرقون سياسيًا ومبعثرون في الأرض اقتصاديًا على الرغم من أن بلداننا من أغلى البلدان بالموارد، لكن كثيرًا منها دول فقيرة لعدم وجود الألفة والمودة والرحمة بين تلك البلدان".

وأضاف الشريف: "لذلك وجدنا مثل هذه الأفعال التي يندى لها الجبين، فقد استهزأوا برسول الله فصمتنا، وأحرقوا المسجد الأقصى فسكتنا، وتحول الأمر إلى ذكرى نحتفل بها سنويًا، وهكذا سيظل حالنا إن ظلت الاعتداءات تتحول إلى ذكريات ولا تُجابه بقرارات".

دون سلطة حقيقية

وأشار الشريف إلى افتقار النظام العربي الرسمي لأناس يغارون على دينهم ويحترمون القرآن ويعتزون به، "القطاع الكبير من الشعوب بلا سلطة حقيقية أو قدرة على أن يحدث أمرًا، ولكنهم في الوقت ذاته إن التزموا بالمقاطعة الاقتصادية لتلك البلدان فإن تأثيرهم سيكون فاعلًا".

وتساءل: "لو أن هذا الرجل سب رئيسًا أو حرق صورة زعيم أو أمير عربي، هل كانت ستبقى العلاقات الدبلوماسية بين العرب والسويد قائمة؟ فكيف يتغاضون عن حرقه لكتاب الله الذي إن وضعت آية منه في كفة من الميزان فإنها سترجح على كفة كل الزعماء والرؤساء؟".

وبين أن عدم موالاة المسلمين لبعضهم البعض هي السبب في ضعفهم، في حين أن الغرب على اختلاف قلوبهم وأهوائهم يتحدون كما في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، ما يضعف حال المسلمين في العالم.

وأضاف: "في الوقت ذاته نحن مقصرون في الدعوة إلى الإسلام التي أهم جوانبها هو السلوك، بأن يرى الغرب ديننا يتجلى في سلوكنا وتحلينا بقِيم الصدق والأمانة، فالإسلام دين واقعي لحياة واقعية وليس فلسفيًا، فتَمثل قيمه في حياتنا هو أفضل دعوة إليه".

وتابع: "لو أننا متمسكون بإسلامنا ومعتزون به، ويمارس العلماء والدعاة والهيئات الرسمية التبليغ الحقيقي له، لما وصلنا إلى هذا الحال".

وثمنّ الشريف في الوقت ذاته المواقف الإسلامية شبه الرسمية التي استنكرت هذا الحدث، قائلًا:" هذه الحراكات التي حدثت هناك وهناك ردًا على الجريمة أفضل من حالة الموات، ولكن ليس هذا ما ننتظره من تحرك تجاه اعتداء على أعز ما نملك وهو كتاب الله".

حقد يستدعي وقفة

بدوره، قال رئيس رابطة علماء فلسطين أ.د. نسيم ياسين: إن ما حصل من إحراق للمصحف هو إظهار لحقد دفين على الإسلام وأهله ومقدساته، "ومثل هذه الأفعال الاستفزازية لمشاعر المسلمين قد تستجلب ردات فعل لا تحمد عقباها".

وأضاف: "وهم يدعون أن هذه الأفعال ضمن حرية الرأي والتعبير وهي في الحقيقة تمثل تعديًا على المقدسات، وجريمة بحق الإسلام والمسلمين".

وبين ياسين أن المسلمين عليهم أن يقفوا وقفة رجل واحد لمنع هذه الأعمال الإجرامية، منتقدًا تصرفات الغرب المتناقضة الذي يثور لو اُعتدي على أحد مقدساته في حين لا يفعل الأمر ذاته تجاه المس بمعتقدات المسلمين.

وقال: "أي خطأ يرتكبه مسلم نجد وسائل إعلام الغرب تقيم الدنيا ولا تقعدها، أما عندما يمسون بالإسلام يُعدونها حرية رأي وهي ليست كذلك بل هي وقاحة وتصرف شائن بحق عقيدة المسلمين ودينهم وبحق كتابهم".

وأعرب عن اعتقاده بأن ردة فعل المسلمين دون المستوى المطلوب فبإمكانهم فعل أكثر من ذلك، والتأثير في السويد تأثيرًا كبيرًا، "كان من المفترض أن تقف كل الحكومات العربية والإسلامية وقفة رجل واحد ضد المسيئين للإسلام، وطرد السفراء، ووقف التعامل مع السويد حتى محاكمة المعتدي".

وأضاف: "عندما قاطع المسلمون المنتجات الدانماركية فإنها تراجعت عن إساءتها للرسول"، داعيًا إلى تكثيف العمل الدعوي للوصول إلى الغرب الذين يعتقد الكثيرون منهم أن الإسلام دين عنف وإرهاب لتصحيح الصورة الخاطئة الموجودة لديهم.

أما أستاذ العقيدة الإسلامية د. خالد تربان فوصف حادثة الحرق بالخطيرة جدًا، وأنها إساءة للمسلمين عامة وتحدٍ لمشاعر كل مسلم على وجه البسيطة، وما كانت لتحدث لولا الضعف الذي تمر به الأمة الإسلامية، وتخلي الحكام عن دورهم في نصرة دينهم والقرآن الكريم.

وقال: "لو كانت هناك أنظمة قوية تدافع عن الحق ما تجرأ أحد على كتاب الله العظيم المقدس عند المسلمين، إن المساس به وحرقه أمام الناس فيه تحدٍ واضح وسافر لمشاعر المسلمين".

ردود خجولة

ولفت "تربان" إلى أن ردة الفعل العربية والإسلامية الرسمية لم ترتقِ مطلقًا لمستوى الحدث، خصوصًا من الدول العربية لم يكن هناك أي ردة فعل، هناك ردود رسمية خجولة هنا وهناك، لكن لا يوجد ردة فعل تتناسب مع هذا الحدث الخطير والمؤلم لمشاعر المسلمين.

وانتقد في الوقت ذاته ردود الفعل الشعبية التي لم ترتقِ أيضًا لمستوى الحدث، "فالمفترض أن تأخذ الشعوب دورها في الدفاع عن دين الله وكتابه".

وأوضح بوجود قصور واضح من الأنظمة الحاكمة والرؤساء في تبليغ الدين والدفاع عنه لكونهم مالكي المال ووسائل الإعلام، "علينا بذل المزيد من الجهد لتوضيح صورة الإسلام التي شوهها الغرب وأعداء الله".

وانتقد تربان، لكون ردود فعل المسلمين مؤقتة ومندفعة وقت حدوث اعتداء على دينهم فقط، "لا بد من وجود خطة كاملة متكاملة من أجل إظهار الصورة المشرقة للإسلام ومحاسن كتاب الله، وما جاء به من خير، هذا لن يمنع وقوع الاعتداءات، لكن وقتها سنجد ردة فعل غاضبة حتى من غير المسلمين وتجريم لهذا الفعل بعد أن يكونوا قد أدركوا أن ديننا دين تسامح".

المصدر / فلسطين أون لاين