أكد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، إسماعيل هنية، أن المقاومة في الضفة الغربية المحتلة خيار استراتيجي لكل فصائل المقاومة، مشددًا على أن "الصراع مع الاحتلال سيصل إلى حالة الانفجار الواسع سواء كان في الضفة الغربية والقدس أو قطاع غزة".
وقال هنية في كلمة مسجلة في مؤتمر الأمن القومي الفلسطيني "12" الذي نظمه مركز غزة للدراسات والاستراتيجيات، أمس، تحت عنوان (حماس 35.. بين ثقل الإرث وجسامة التحديات)، إن "ما هو قادم في الضفة من مقاومة أكبر مما نراه".
وأضاف: "نحن أمام مرحلة أكثر ضراوة في المواجهة مع الاحتلال، وأن المقاومة في الضفة المحتلة خيار إستراتيجي لفصائل المقاومة الفلسطينية"، مشيرًا إلى أن الضفة تمثل حالة الصراع المركزي مع المشروع الصهيوني.
اقرأ المزيد: حماس تزفُّ شهداء جنين وتؤكد أنَّ الرد على المجزرة قادم
وأوضح أن المقاومة تتصاعد في الضفة مقارنة مع ما مرّت به في السنوات الماضية، إذ وقعت تحت ضغط ومؤثرات سواء من الاحتلال أو السلطة التي لا تزال تلتزم باتفاقياتها مع الاحتلال وتلاحق المقاومة.
وتابع: "حماس ومعها باقي الفصائل تؤكد أن الضفة انطلقت وخرجت من عنق الزجاجة، والعدو لن يتمكن من بسط السيطرة والاستيلاء على روح المقاومة التي تسري فيها".
ثلاث إستراتيجيات
وأشار إلى وجود متغيرات مهمة على مختلف الأصعدة سواء المحلي أو الإقليمي أو الدولي، والتي يكون لها انعكاسات على رسم السياسات والإستراتيجيات والقرارات التي يمكن أن تتخذها حماس وصنّاع القرار في المنطقة.
وتطرق هنية في كلمته في المؤتمر بشأن ثلاث إستراتيجيات تنتهجها حركة حماس في وضع سياساتها المتعلقة بالقضايا الوطنية.
وتتمثل الاستراتيجية وفق حديث هنية بـ"التربية والدعوة" إذ إن حركة حماس تؤمن بأن تحرير أرض فلسطين ينبني على جيل تربوي قرآني وطني تتوفر لديه كل عوامل الحصانة السياسية والثقافية والفكرية.
وأوضح أن الإستراتيجية الثانية هي "الجهاد والمقاومة"، حيث أن حماس ماضية في إستراتيجية مقاومة الاحتلال منذ نشأتها، بالرغم من التضحيات والأثمان التي قدمتها والتحديات التي واجهتها، لافتاً إلى أن حماس تتمسك بالمقاومة الشاملة كخيار أساسي في مقاومة الاحتلال.
اقرأ المزيد:وثيقة حماس.. هل تفتح لها الأبواب الدولية؟
وأكد هنية أن حماس تعمل على تطوير سلاح ووسائل المقاومة سواء كانت بالاعتماد على عقول قيادات في الحركة في الداخل والخارج، أو بالتعاون مع عقول بعض الخيرين والمحبين من دول وشخصيات تسهم في تطوير المقاومة.
وأضاف: "بحكم الواقع الذي تتعرض له الحركة في غزة فإنها تعتمد على عقول ومهندسي كتائب القسام بنسبة كبيرة"، منبهًا إلى أن حماس والقسام طوّرت وسائل المقاومة وتجلى ذلك في معركة "سيف القدس" عام 2021.
ولفت إلى أن فكر وإدارة حماس يرتبط بالواقع وحجم الإرهاب الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، "فهي مقاومة راشدة وفاعلة وتوظف السياسة في خدمة المقاومة والعكس أيضاً"، مبيّناً أن المقاومة ليست "ردات فعل" وإنما تتمتع بحيوية ونفس طويل.
ووفق هنية، فإن الإستراتيجية الثالثة هي "الحكم والسياسة"، إذ حملت الأمانة بالعمل في مؤسسات السلطة والحكم في غزة والضفة، في أعقاب فوزها بالانتخابات التشريعية عام 2006، وتشكيل الحكومة العاشرة.
وبيّن أن حماس ذهبت إلى أبعد من ذلك، إذ شاركت في مؤسسات الحكم الدبلوماسية السياسية وبناء علاقات مع الدول سواء كانت عربية أو إسلامية أو حتى على مستوى المجتمع الدولي.
وشدد على أهمية هذه الاستراتيجية، التي تسير فيها حماس وفق ضوابط واضحة أهمها تسخير العمل السياسي بما يخدم المقاومة وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني.
وتابع: إن "العمل السياسي لحماس يقوم على عنصر مهم وهو إستراتيجية الانفتاح على الجميع، وليس لديها فيتو على أي دول عربية أو إسلامية، إنما يقتصر الفيتو على دولة الاحتلال".
وأكمل رئيس المكتب السياسي لحماس "أن تبني حماس مرحلية التحرر في نشاطها السياسي وتعاملها مع البرامج الوطنية كان محكوماً بضوابط عدم التنازل أو الاعتراف بالكيان، والتمسك بالحقوق الثابتة".
وأكد أن حماس هي حركة محورية وعامل مهم على المستويين الفلسطيني والإقليمي وتمثل ركيزة مهمة جدًا من ركائز الشعب الفلسطيني في إطار مشروعه التحرري من الاحتلال.
متغيرات وتحديات
وتطرّق هنية إلى الحديث عن المتغيرات التي تعيشها حركة حماس في المرحلة الراهنة وآلية التعامل معها، في ضوء هذا الإرث ورصدها للتحديات التي تواجهها.
وبيّن أن أبرز المتغيرات هي صعود حالة المقاومة في الضفة، في ظل إستراتيجية "جز العشب" التي اعتمدها الاحتلال وانعكس عليها انعكاسًا ملحوظًا، وسياسات السلطة أيضاً تجاه المقاومة.
والمتغير الثاني وفق هنية، الذي يتعلق بتشكيل حكومة الاحتلال الجديدة المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو التي تضم وزراء متطرفين إرهابيين، مشدداً على أن "كل حكومات الاحتلال سيئة وتشترك في قمع الشعب الفلسطيني ومنع التمتع بحقوقه واستمرار الحصار المفروض على قطاع غزة".
وأوضح أن هذه الحكومة المتطرفة قائمة على أربعة عناوين مهمة وهي: القدس، والاستيطان، والعنف ضد الشعب الفلسطيني، والتطبيع مع الدول العربية.
وأشار إلى أن المتغير الثالث يتعلق بالصعيد الدولي وخاصة الحرب الروسية الأوكرانية وما تصاحبها من تطورات وتغيرات هائلة، لافتاً إلى أن تراجع النفوذ الأمريكي على مستوى العالم يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني.
والمتغير الرابع حسب هنية، هو على مستوى المنطقة، إذ إن "ما بين بؤر التوتر والصراع وما بين سياسة التسويات بين الدول العربية والإسلامية يؤشر في أن المنطقة ذاهبة لتموضعات جديدة".
ونبّه إلى وجود تحديات أمام حماس والشعب الفلسطيني تتمثل بالاحتلال، والحصار، والانقسام، والتطبيع العربي، والسيولة الهائلة في المنطقة، والتغيرات التي تحدث في المجتمع الدولي، التي تحتاج إلى رؤية وتماس داخليين وعمق استراتيجي للمقاومة في فلسطين.
أولويات المرحلة القادمة
وعدّد هنية أولويات حركة حماس في المرحلة القادمة، وأولها التمسك بخيار المقاومة في غزة والضفة والداخل المحتل وخارج فلسطين.
وذكر أن الأولوية الثانية هي العمل على استعادة وحدة الشعب الفلسطيني، مجدداً تأكيده تمسك حماس بالوحدة والمصالحة.
وقال: "حماس جاهزة ومستعدة لدفع الأثمان من أجل استعادة الوحدة الوطنية، واتمام المصالحة على أساس رؤية واضحة قائمة على التمسك بالثوابت وخيار المقاومة ومغادرة مربع "أوسلو" وسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني".
وأكد أن حماس تسعى لبناء تحالفات استراتيجية في المنطقة مع جميع المكونات، لأن المعركة في القدس والقضية الفلسطينية محورية لشعوب الأمة والعالم، لافتاً إلى أنها تواصل الانفتاح على الأمة والانتقال بشعوبها من إستراتيجية الدعم إلى الشراكة والانخراط الكامل في المعركة ضد الاحتلال.
وشدد على أن حماس تواصل الانفتاح على جميع الدول التي تؤمن بحق الشعب الفلسطيني وترفض الاحتلال ولديهم استعداد بدعم الشعب الفلسطيني، منبّهاً إلى أنها تسعى لرفع الحصار عن قطاع غزة.
وجدد التأكيد أن حركته تضع قضية تحرير الأسرى من سجون الاحتلال على رأس أولوياتها، إضافة إلى مواجهة التطبيع في المنطقة، "فـ(إسرائيل) ليست جارة ولا صديقة بل هي عدو".
محاور المؤتمر
من ناحيته، قال رئيس المؤتمر د. محمد المدهون: إن هذا المؤتمر الذي يعُقد للعام الثاني عشر على التوالي دون انقطاع، إذ يقدم دراسة موسعة تفصيلية في جميع القضايا التي يطرحها في كل عام.
وأوضح المدهون في كلمته، أن المؤتمر يقدم قراءة في المشهد الفلسطيني، والشعب يخوض هذا الصراع والملحمة العظيمة من أجل رفد القادة والحكومات وكل المكونات بالرأي والمشورة.
وأشار إلى أن هذا المؤتمر يستمر لثلاثين جلسة ستناقش تفصيليًا كل ما يتعلق بحركة حماس على مدار 35 عامًا، سواء كان في العمل الإسلامي، والتربوي، والفكري، وتجربتها في الحُكم.
ولفت إلى أن الأبحاث ستتناول تفصيليًا "أين تقف حماس بعد 35 عاماً من تأسيسها، وبعد 17 عاماً من فوزها في الانتخابات التشريعية"، منبهًاً إلى أن محتوى المؤتمر مطروح للنقاش من أجل مزيد من الإثراء.