فلسطين أون لاين

​وثيقة حماس.. هل تفتح لها الأبواب الدولية؟

...
جانب من إعلان وثيقة حماس (أ ف ب)
لندن / مدريد - غزة - نبيل سنونو

في انتظار حكم قضائي نهائي بشأن رفع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مما تسمى "قائمة الإرهاب" الأوروبية، تطرح التساؤلات نفسها عما إذا كانت الوثيقة السياسية الجديدة للحركة، ستدفع أوروبا إلى الانفتاح تجاهها.

وعرّفت حماس نفسها في الوثيقة، التي أعلنها رئيس مكتبها السياسي، خالد مشعل، الاثنين الماضي، بأنها حركة تحرّر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية، هدفها تحرير فلسطين، وأبرزت تمييزًا بين اليهودية كديانة وبين المشروع الصهيوني، كما اعتبرت إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة -عاصمتها القدس- على خطوط 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها، صيغة توافقية وطنية مشتركة.

لكن المحامي والمستشار القانوني المتابع لقضية رفع حماس من قائمة "الإرهاب" الأوروبية، خالد الشولي، رأى أن تعامل أوروبا مع الحركة "سوف يستمر كما هو"، مفسرًا بأنه رغم القرار القضائي الأولي الصادر عن المحكمة الابتدائية الأوروبية باعتبار حماس ليست "تنظيما إرهابيا" وأن على الاتحاد الأوروبي أن يزيلها عن قائمة "الإرهاب"، فإن هذا الحكم تم استئنافه من قبل مجلس الاتحاد.

وقال الشولي، لصحيفة "فلسطين": "ننتظر الآن الحكم النهائي الصادر عن محكمة الاستئناف"، موضحًا أن نظرة الدول الأوروبية "متغيرة" بالنسبة لحركة حماس، وأن صدور الوثيقة السياسية الجديدة لها "سوف يمنح الأوروبيين مجالا للحركة وحرية التعامل ويعطيهم أكثر أريحية في الاتصال والتشاور ومن ثم التقدم في مجال الحوار مع الحركة".

وكانت المحكمة الأوروبية قالت في قرارين صدرا عام 2014 إن الاتحاد الأوروبي ليس لديه قاعدة قانونية كافية تبرر إبقاء حماس على "قائمته السوداء".

ونوه الشولي، في نفس الوقت إلى وجود نظرة "أفضل" من أوروبا تجاه حماس، مبينا أن أي حركة أو تنظيم سياسي يدخل الانتخابات ومن ثم يفوز فيها بأغلبية الأصوات، بغض النظر عن التعامل والحكم الأوروبي على حماس، فهذا يعتبر نوعا من أنواع الاعتراف بشرعية هذا الفصيل أو الحزب أو المكون السياسي، "لذلك هناك بالتأكيد نظرة مختلفة للحركة من طرف الأوروبيين".

وتابع: "حتى بعد عام 2006 (الذي جرت فيه الانتخابات التشريعية وفازت فيها حماس) كثير من السياسيين الأوروبيين زاروا الحركة وعقدوا معها بعض الاتفاقيات، وأنا كمراقب سياسي وقانوني للوضع أرى أن هناك كثيرًا من الإيجابيات تحققت على أرض الواقع".

الانتظار قليلاً

أما المتخصص في الشؤون الأوروبية، أديب زيادة، فرأى أن الإجابة عن الكيفية التي ستتعامل بها أوروبا مع الوثيقة السياسية الجديدة لحماس، "بحاجة إلى التروي قليلا".

لكنه أكد لصحيفة "فلسطين"، أن الوثيقة "قطعا ستنعكس على الواقع بين الطرفين"، أي بين حماس والاتحاد الأوروبي، "لكن إلى أي مدى هذا الانعكاس يكون كبيرًا فهذا يعتمد على قدرة أصحاب الوثيقة على تسويق أنفسهم على الساحة الأوروبية".

وأضاف: "إذا تمكنوا (أي حماس) من ذلك، أعتقد أنه ستكون هناك اختراقات جيدة على هذا الصعيد"، مردفا بأن "المشوار" الذي قطعته الحركة بشأن الوثيقة "فعلا مهم".

وأوضح أن حماس بهذه الوثيقة، استطاعت أن تتجاوز "عقبة كأداء"، وإذا أحسنت التكتيك حاليا فسيكون من المجدي جدًا عمل اختراقات على الصعيد السياسي بشكل ملموس؛ بحسب زيادة.

الموقف الأمريكي

من جهته، قال عضو الحملة الأوروبية لكسر الحصار عن غزة، د.نصر عودة، إن هناك نظرة في أوروبا للوثيقة السياسية الجديدة لحماس، على أنها "مرونة" من الحركة، لما ورد في الوثيقة حول حدود 1967.

لكن عودة فرَّق أيضًا بين الأحزاب السياسية في أوروبا، مبينا أن "أحزاب اليمين" ترى أن الوثيقة "مماطلة" للتقرب من الغرب، أما "الأحزاب اليسارية" فترى أنها خطوة جيدة من حماس، تشكل أكثر مرونة.

ونبه عضو الحملة الأوروبية في إسبانيا، إلى أن كثيرا من الأحزاب السياسية الأوروبية تعرف مصداقية حماس في العمل، "وقالوا لنا بألسنتهم: نحن نود أن نتعامل مع حماس ولكننا لا نستطيع بسبب الضغوط الدولية الموجودة حتى على الإسبان أنفسهم".

وتوقع "بعد هذه الوثيقة من حماس، أن يفتحوا (الأوروبيون) الباب أكثر بقليل، للتعامل مع الحركة"، مضيفا: "هنا في أوروبا هذا الذي كانوا ينتظرونه، بعض المرونة من حماس"؛ وفق قوله.

وعن الشكل المحتمل لأي تحسن في علاقات حماس بأوروبا، قال: "التعامل مع حماس ومؤسساتها ممنوع في أوروبا، بسبب نظرتهم لها"، معربا عن أمله في ألا يتم التعامل مع الحركة على هذا الأساس، بل على أنها حركة مقاومة تدافع عن حقوق شعبها ووطنها.

وأوضح أنه إذا وافقت أوروبا على ذلك، وبدأت تنظر لحماس وفقًا لهذا المبدأ، فإن ذلك سيسهل أمورا كثيرا بالنسبة لوصول المساعدات إلى غزة، "والضغوط السياسية على الدولة الصهيونية" للاستجابة لحقوق الشعب الفلسطيني.

وعلى المستوى الرسمي للأحزاب السياسية الأوروبية، "لم يصدر شيء حتى الآن" بشأن وثيقة حماس السياسية الجديدة، مردفا: "نتابع الصحف على المستوى الحكومي حتى الآن لا يوجد موقف واضح.. نحن ننتظر ونتأمل خيرًا".

وبعد تأكيد مصدر في وزارة الخارجية الأمريكية، أن موقف واشنطن من حماس "لم يتغير"، بعد وثيقتها السياسية الجديدة، يطرح سؤال نفسه عن مدى ارتباط الموقف الأوروبي بالأمريكي.

وعن ذلك، قال عودة، إن الأوروبيين يرتبطون بشكل كامل بالولايات المتحدة، معتبرًا أنهم "لا يستطيعون أن يخرجوا عن طوع أمريكا".

وأضاف: "الأوروبيون وأمريكا نفس الرأي، لا يخالفوه، وهذا ما نتابعه على كل المستويات وفي الحروب التي شنت على غزة، وفي الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني، وفي كل شيء، أوروبا دائما مع أمريكا".

وتابع: "عندما طالبنا بريطانيا بالاعتذار عن وعد بلفور رفضت ذلك"، موضحا أن ذلك "كله تأييد للمواقف الأمريكية".

وأعرب عن أمله في تغير الموقف الأمريكي على إثر الوثيقة السياسية الجديدة لحماس، "لأنه إذا تغير رأي الأمريكان سيتغير رأي الأوروبيين بشكل تلقائي".

لكنه نوه إلى "الشروط" التي تضعها الولايات المتحدة لحماس، وهي أن تعترف بـ(إسرائيل) وأن توافق على كل ما وافقت عليه السلطة الفلسطينية.

يشار إلى أن حماس لا تعترف بـ(إسرائيل)، وهو ما أكدت عليه في وثيقتها السياسية الجديدة، مبينة أن "الدولة الفلسطينية الحقيقية هي ثمرة التحرير، ولا بديلَ عن إقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على كل التراب الوطني الفلسطيني، وعاصمتها القدس".