في قصر سحويل بقرية عبوين قضاء رام الله، حيث المباني الحجرية القديمة، والدكاكين، والأزقة الضيقة بين البيوت الفسيحة التي تتوسط ساحتها نافورة الماء، والتي تحاكي البيئة النابلسية القديمة قبل 100 عام، يستمر تصوير مسلسل أم "الياسمين" الفلسطيني الذي سيعرض على الشاشات في رمضان المقبل.
يرصد المسلسل الحقبة الزمنية التي تنحصر بين 1929 إبان ثورة البراق في القدس المحتلة وحتى الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936م التي ما زال الفلسطينيون يتغنون بشهدائها الذين أعدموا في سجن عكا حتى اليوم.
اقرأ أيضاً: "حكايا".. مسلسل تلفزيوني للأطفال من قلب القدس
يتناول المسلسل جغرافيا المكان، والأحداث السياسية، والتاريخية، والاجتماعية التي سادت إبان الاحتلال البريطاني لفلسطين.
"أم الياسمين" من تأليف فاخر أبو عيشة، والقصة لطاهر باكير، أما المعالجة الدرامية والإخراج فكانت لسعيد سعادة، ولبشار النجار على التوالي، بمشاركة 55 ممثلًا فلسطينيًا محترفًا، و80 ممثلًا في أدوار ثانوية، في حين يستضيف العمل الدرامي بعض الممثلين العرب.
رسائل "الجدار الأخير"
صاحب محل كنافة في البلدة القديمة بنابلس، هي الشخصية التي يلعبها الممثل المقدسي حسام أبو عيشة في المسلسل، وهي شخصية إشكالية لها صراعات كبيرة مع أحد سكان الحارة حول الميراث وبعض العقارات في نابلس.
وهو أيضا شخصية متناقضة داخل البيت وخارجه، ففي الحارة غضنفر يفرد عضلاته ليثبت صفة ليست فيه، أما في البيت فهو حمل وديع مطيع يخاف من زوجته المتسلطة.
يقول أبو عيشة الذي يشارك في تصوير المسلسل حالياً: "تم اختيار قصر سحويل الذي يعود تاريخه إلى ثمانينيات القرن الماضي وهي المدة التي سبقت الحقبة الزمنية التي يتناولها المسلسل، لأنه يشبه إلى حد كبير الحارة النابلسية القديمة".
وعن الرسائل التي يحملها المسلسل، يبين أبو عيشة لـ"فلسطين" أنه يتناول الصراعات الداخلية وتأثيرها في السلم الأهلي الذي يرمز إلى صراعنا مع الاحتلال، فالشعب الفلسطيني يواصل نضاله ضد كل أشكال الاحتلال حتى ينال حقوقه، وأهمها دولة مستقلة ذات سيادة تتمتع بالكرامة والعزة والحرية للإنسان الفلسطيني.
ويأمل أن يكون مسلسل "أم الياسمين" نقلة نوعية ليس للدراما الفلسطينية فحسب بل لنمط السلوك الفني والثقافي الفلسطيني الذي يكاد يكون اليوم هو الجدار الأخير الذي يستند إليه الفلسطينيين.
وينبه أبو عيشة إلى أن الدراما مكلفة للغاية وتحتاج إلى رأس المال الرسمي والشعبي والخاص، وهذا ما يحتاج إليه المسلسل حتى يكتمل إنتاجه ويتمكن صناعه من عرضه على القنوات العربية.
خليط جوهره القدس
بدوره يقول المخرج الشاب بشار النجار: "المسلسل خليط جميل يتحدث عن مدينة نابلس، وجوهره مدينة القدس"، مشيرا إلى أن مشاهده تصور في قرية عبوين في رام الله، والبلدة القديمة بنابلس، وقبر النبي موسى في أريحا.
ولدى سؤاله عن تشابه المسلسل مع ما قدمته أعمال درامية سورية من جانب الصورة الدرامية بما فيها القصص والأحداث والأزياء وأماكن التصوير، يجيب النجار لـ"فلسطين": "تم أخذ ذلك بعين الاعتبار ولا سيما أن نابلس يطلق عليها دمشق الصغرى، ولكن الفرق أن القصة الفلسطينية حديثة عهد في الأعمال الدرامية ولم تتطرق لها المسلسلات من قبل".
اقرأ أيضاً: "بوابة السماء".. مسلسل فلسطيني يطلُّ بجزئه الثاني في رمضان
ومن لا يعرف فإن المسلسل تأجل تصويره لمدة عامين بسبب ضعف التمويل، "ما اضطرني لبيع سيارته الخاصة حتى يتمكن من البدء في تصوير المسلسل، فكما أعطتني الدراما التي امتلأ قلبي بها شغفًا، اقتطعت من مالي لأعطيها، وذلك بعدما طرقت العديد من الأبواب لتمويل المسلسل، ولكني عدت خائبًا"، يقول النجار.
وعن أكثر ما يميز المسلسل، يؤكد أن "أم الياسمين" أول عمل فلسطيني يتناول البيئة الفلسطينية، وسيتم تصوير بعض مشاهد في مدينة السلط التي كان لها دور محوري آنذاك مع مدينة نابلس وثورة البراق.