فلسطين أون لاين

أزمة الكهرباء تُحيي وسائل بدائية قديمة لحفظ لحوم الأضاحي

...
أزمة الكهرباء تلقي بظلالها على غزة (أ ف ب)
خان يونس - أحمد المصري

مكرهًا وكاتمًا غيظه، يُفكر الخمسيني نبيل ماضي، فيما يُمكنه من حفظ لحوم الأضاحي، التي ستطرق بابه بعد أيام، في ظل معطيات أزمة الكهرباء، وانقطاعها لساعات طويلة لتحول دون تجميدها وحفظها من الفساد.

تفكير المواطن ماضي، جاء بعد استنزاف وقت طويل في البحث عن طريق أمثل لحفظ لحوم الأضاحي، ليهتدي على أعتابه بطريقة "التسبيك" القديمة والتي طالما استخدمها الآباء والأجداد لحفظ هذه اللحوم لأكثر وقت ممكن مع عدم توافر الكهرباء نهائيا.

ويقول ماضي لـ"فلسطين": "لم أجد في ذهني أو من خبرة من حولي طريقة لأحفظ بها لحوم الأضاحي إلا طريقة التسبيك، وهي بديل مرغم عليه"، متوقعًا أن يلجأ لهذه الطريقة مواطنون كثر في ظل استمرار أزمة الكهرباء وساعات وصلها القليلة.


تلف وفساد

ويضيف حائرًا: "إذا لم ألجأ لهذه الطريقة فإني أكتب على كل اللحم الذي يصلني التلف والفساد ومن ثم الإلقاء في القمامة دون أي استفادة"، مشيرا إلى أن تخزين اللحم بطريقة التسبيك من الممكن أن يصمد عبرها اللحم نحو ما يزيد عن الشهر.

وتسبيك اللحوم طريقة قديمة تعتمد على تخزين اللحم، بعد طبخ نحو 50% منه، مع اضافة كميات من الدهون والملح عليها لمنع فسادها، وقد انتهت عمليًا مع توافر الكهرباء ووصول إمداداتها لكافة الأحياء والمناطق السكانية في قطاع غزة.

ولا يختلف حال المواطنة الستينية جميلة السطري مع سابقها "ماضي"، إذ إن أزمة الكهرباء التي يلمسها سكان القطاع منذ عدة أشهر، دعتها للتفكير مرارًا في استخدام طريقة تسبيك اللحوم القديمة للحيلولة دون فسادها وإلقائها في القمامة.

وعاشت السطري تجربة "مُرة وأليمة" العام الماضي، ولا يجب أن تتكرر، إذ إن الانقطاع المتكرر للكهرباء أفسد جميع ما خزنته من لحوم الأضاحي في ثلاجة بيتها، الأمر الذي أدخل الحزن على عائلتها.

وتقول السطري لـ"فلسطين" بمرارة: "الآن أزمة الكهرباء أكثر تفاقما من العام الماضي، والثلاجة من المستحيل أن تحفظ اللحوم بداخلها، وهو ما يجعلني أفكر مرارًا في الطريقة القديمة تسبيك اللحم وتخزينه حتى ينتهي تماما".

وتلفت إلى أن لحوم الأضاحي "فرحة للفقراء" و"ستر" في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمرون به، وهو ما يجعلهم يهتمون لتخزينها لفترات طويلة، وإعداد الطعام بحصص قليلة منها حسب الحاجة.


أحوال سيئة

وطريقة "تسبيك" لحوم الأضاحي وتخزينها بهدف ضمان عدم فسادها، طريقة ألفها المواطن ناهض شبير في صغره، ويفكر مجددا في العودة لاستخدامها مرة أخرى بعد اندثارها منذ ما يزيد عن 45 عامًا.

وفي وجهة نظر "شبير" فإن استخدام طريقة تسبيك اللحوم لم يأت التفكير به إلا في ظل الأحوال السيئة جدًا للكهرباء التي يعيشها الناس، وعدم إمكانية تخزين ما من شأنه أن يُبقى من لحوم الأضحية دون فساد.

ويقول شبير لـ"فلسطين": "إن لم تتحسن أوضاع الكهرباء بصورة تحفظ اللحوم خلال أيام عيد الأضحى، سأجد نفسي مضطرا للعودة لطريقة ما قبل 45 عامًا في حفظ اللحوم، وإلا كل ما سيتبقى من لحم أضحيتي وما يصلني سيكون مصيره الفساد".

وتلفت النظر المواطنة إسراء عمران إلى أن حفظ لحوم الأضاحي والعمل على عدم فسادها هو "الشغل الشاغل لها"، وتقف حائرة وعاجزة تماما فيما يمكن أن تصنع في أول يوم لقدوم عيد الأضحى مع اللحوم لتحول دون فسادها.

المواطنة "عمران" تشير لـ"فلسطين"، إلى أن لحوما تزيد عن 20 كيلو على أقل تقدير تتبقى من أضحيتهم كل عام، عوضا عما يصل من أرحامها، وأن ذلك من شأنه أن يجعلها تفكر في الخلاص من هذه الكميات دون فسادها عبر زيادة إعداد الولائم وتسبيك البقية.

وتلقي أزمة الكهرباء في قطاع غزة بظلال سلبية واسعة على كافة نطاقات الحياة الاجتماعية منذ عدة سنوات، غير أن الأشهر الأخيرة ضاعفت من الأزمة الحاصلة بعد تقليص كميات الكهرباء الواردة من جانب الاحتلال بطلب من رئيس السلطة.

وتُطبق سلطة الطاقة في القطاع جدولًا توزيعيًا على الكهرباء المتوافرة لديها من المصادر المتعددة، تصل في الأيام الراهنة لأربع ساعات وصل مع فصل 12 ساعة، وهو ما لا يسمح بعمل طبيعي للأجهزة الكهربائية البيتية.