عملت كتائب القسام منذ انطلاقتها على تحرير الأسرى من داخل سجون الاحتلال الصهيوني بمختلف الطرق والأساليب، وقدمت في سبيل ذلك المئات من الشهداء وما يزال الملف حاضرًا بقوة لدى الكتائب، فالذي أعلنت عنه الكتائب بشأن وجود أربعة من جنود جيش الاحتلال في جعبتها وأنها على استعداد لزيادة الغلّة من الجنود إذا لم تذهب حكومة الاحتلال لإنجاز صفقة تعمل على تبييض السجون من أسرانا الأبطال في مدة بسيطة، وهو ما أكدته حركة حماس في مهرجان انطلاقتها الأخير على لسان قائدها في غزة يحيى السنوار.
باعتقادي أن نتنياهو سيسعى مع حلفائه إلى إنجاز صفقة مع حركة حماس في محاولة لرفع رصيده الداخلي خاصة أمام الجيش، وتبقى المهمة الأكبر تتمثل بقدرته على دفع الثمن الذي تطلبه حركة حماس لإنجاز الصفقة.
فملف الأسرى من الملفات المركزية في خضم الصراع مع الاحتلال، إذ سُجّل نحو مليون حالة اعتقال من عام 1967 حتى الآن، منها أكثر من 17 ألف من الفتيات والنساء والأمهات، وما يزيد على 50 ألف طفل، عدا عن الاعتقال الإداري، الذي وصل إلى أكثر من (54.000) قرار اعتقال في المدة نفسها، كما ارتقى نحو (230) من الأسرى شهداء في سجون الاحتلال.
فمنذ أن وطأت أقدام الاحتلال الصهيوني أرض فلسطين، وفي محاولة منه للسيطرة على شعبنا وإخضاعه بشتى السبل غير المشروعة، افتتح المحتل السجون والمعتقلات التي لا تتوافق مع أبسط قواعد حقوق الإنسان، منها السري ومنها المعلن، ليزج بمئات الآلاف من رجال ونساء وشباب وأطفال فلسطين في ظروف اعتقالية أقل ما يقال عنها أنها عنصرية وتسعى إلى طمس شخصية المعتقل، وإخضاعه لشتى ألوان العذاب منذ أن يقع بين أيدي جنود الاحتلال وضباط مخابراته، مثل التعذيب الجسدي الذي لا يخرج منه المعتقل إلا بمرض مزمن، أو عاهة دائمة، عدا عن العزل الانفرادي وأصناف العذاب النفسي الذي يترك آثاره السيئة في المعتقل فيما بقي له من الحياة.
إن قضية الأسرى في سجون الاحتلال هي بحق من أخطر قضايا الصراع بيننا وبين المحتل، التي يجب على كل حركة أو تنظيم مقاوم السعي بشتى السُبل لإيجاد حل ينهي معاناة خمسة آلاف أسير منهم النساء والأطفال والمرضى والمسنين يختطفهم المحتل في محاولات رخيصة لابتزازهم وإخضاعهم لإرادته.
إن قضية الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني لا يمكن أن تتناول كردات فعل بشأن بعض الانتهاكات التي تصل إلى وسائل إعلامنا، أو هبّات موسمية منها يوم الأسير الفلسطيني، إنما تتطلب من جميع الفعاليات والفصائل وأبناء شعبنا في الداخل والخارج أن يشكلوا هيئات ولجان ومنظمات تسعى إلى تفعيل قضية الأسرى وجعلها القضية الحاضرة أمام جميع المنظمات والمؤسسات العالمية، ويحملها أي مسئول فلسطيني يغادر أو يستقبل أي من الوفود أو المسؤولين أو الشخصيات العربية أو الأجنبية، في محاولة لجعلها قضية رأي عام عالمي، نستطيع أن نخفف العذاب عن أسرانا داخل سجونهم، ولنسعى بشتى السبل لتبييض السجون حتى آخر أسير يعاني.