فلسطين أون لاين

هل يغلق ملف الجنود؟

كريم وماهر يونس يتنفسان الحرية بعد 40 عامًا من الأسر في سجون الاحتلال، وتركا وراءهما ما يقارب 19 أسيرًا  يقضون ما يتجاوز 30 عامًا في سجون الاحتلال، وهناك 25 أسيرًا اعتقلوا قبل اتفاق أوسلو، إضافة إلى 150 طفلًا، و29 أسيرة، و600 مريض منهم 22 أسيرًا مصابًا بمرض السرطان.

سياسة الاعتقال الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، والمقاومين، شهدت تصاعدًا كبيرًا خلال الأعوام الأخيرة خاصة في الضفة الغربية، ولا يُعرف بدقة عدد الأسرى نظرًا لتكرار عملية الأسر شهريًا، لكن المعلومات المتوفرة تشير إلى أنه يتجاوز 4500 أسير.

 الإفراج عن كريم وماهر يونس ترافق مع الكشف عن فيديو للجندي الأسير منغستو لدى كتائب القسام التي أعلنت سابقًا أن إصرار الاحتلال على المماطلة سيقود لإغلاق الملف إلى الأبد، وهو ما صرح به رئيس المكتب السياسي لحماس يحيى السنوار في 24 ديسمبر الماضي، في محاولة للضغط على الاحتلال للاستجابة لمطالب المقاومة، المتمثلة بإطلاق قدامى الأسرى، والمرضى والأسيرات والأطفال وكبار السن، وبالتالي إطلاق سراح الجنديين منغستو وهشام السيد، وتسليم معلومات عن الجندي شاؤول آرون الذي اختفى شرق الشجاعية خلال الحرب على غزة عام 2014، وكذلك مصير الجندي هدار جولدن الذي اختفى شرق رفح خلال تلك الحرب.

حركة حماس تلقي بهذه الأوراق للضغط على الاحتلال، إدراكًا منها أهمية هذا الملف، وضرورة إنهاء معاناة الأسرى وعائلاتهم، وهي التي أعدت ونفذت عشرات العمليات لأسر الجنود ونجحت في إتمام أكبر صفقة في تاريخ المقاومة الفلسطينية وخاصة في الداخل عام 2011، وهي التي اعتبرها الاحتلال الأخطر التي تمت في تاريخ الصراع، لكون من أطلق سراحهم هم من قادة المقاومة، ويقودون العمل المقاوم اليوم.

التوجه الحمساوي ينطلق من أن الاحتلال الإسرائيلي بتركيبته الحالية والسابقة، غير مؤهل لإتمام صفقة وازنة، أو الاستجابة للمقترحات التي يقدمها الخبراء، كذلك دخول الحسابات الإسرائيلية الداخلية في إتمام أي صفقة، لضعف الحكومة الإسرائيلية، وخشية نتنياهو رئيس وزراء الإسرائيلي الحالي من خسارة الائتلاف الحكومي إذا وافق على أي صفقة، كذلك تنطلق حماس من أن قدرة الوسطاء على الضغط على الاحتلال ليست كما كانت في السابق، وخاصة في ظل حكومة إسرائيلية يثار الكثير من التساؤلات حول مدة بقائها، وحماس لا تريد أن تبقى رهينة الأوضاع الداخلية الإسرائيلية.

عوضًا عن أن التصرف الإسرائيلي يُبنى على عاملين مهمين لإتمام أي صفقة، هو اعتبار الجنديين آرون وجولدن ميتين وبالتالي لا يستحقان دفع هذا الثمن، كما أن نوعية الأسرى القدامى، لكونهم من المقاتلين الأشداء، وممن لديهم عزيمة على مواصلة القتال لاحقًا على غرار ما حدث مع رفاقهم في قيادة حماس حاليًا، وهذا الأمر لن توافق عليه حماس مهما كان الثمن، بل سيكون حافزًا لها لتنفيذ تهديدها، بتنفيذ عمليات أسر جديدة، تكون أكبر من قدرة الاحتلال على المماطلة فيها، وتتضمن أسر جنود أو مستوطنين أحياء لا يُشكُ في وضعهم الصحي، ووضع إسرائيل في موضع محرج أمام العالم، وكذلك المجتمع الداخلي، باعتبارها تتحمل المسؤولية عن المماطلة خلال 8 سنوات.

فيديو الجندي منغستو هو المؤثر الأقوى خلال الفترة الماضية، على صعيد الضغط على الاحتلال، وبذلك تكون المقاومة قد قدمت أداة ضغط جديدة، على حكومة الاحتلال، ورسالة تنبيه بأنه لم يعد مجال لمزيد من الأدوات، وإغلاق الملف المرتبط بالجنود الأربعة الذين أصبح اثنان يُعرف وضعهما الصحي، في حين تبقى اثنان تحتفظ حماس بمصيرهما، ووضعهما الصحي، والذهاب لعملية أسر جديدة، يترك للميدان التصرف بذلك، مع الأخذ بالحسبان ظروف أي عملية أسر، وكذلك النتائج المترتبة على ذلك، وهنا تكون حماس قد استنفدت كل جهد لإتمام صفقة دون الذهاب لعملية أسر جديدة يترتب عليها مواجهة، وتكون قد حصلت على دعم شعبي وجماهيري واسع، يتحمل نتائج أي مواجهة قادمة، باعتبار أن قضية الأسرى هي قضية وطنية، عليها إجماع، وبأن عمليات الأسر هي السبيل لإطلاق سراح الأسرى، ووضع حد لمعاناتهم، وأن القرار في عهدة رئيس الجناح العسكري لكتائب القسام محمد الضيف، الذي أعد وأشرف على غالبية عمليات الخطف السابقة، ونجح في إدارتها بحكمة واقتدار في كل المراحل.