فلسطين أون لاين

تفاصيل ليلة دامية عاشتها البلدة

"شقاء العمر".. آليات الاحتلال تجتاح 20 حلمًا ببلدة "حزما" بالقدس

...
آليات الاحتلال تجتاح 20 حلمًا ببلدة "حزما" بالقدس
القدس المحتلة-غزة/ يحيى اليعقوبي:

أشبه بعملية اجتياح، بدأ الهجوم منتصف ليلة أمس، وإن لم يسمع فيها صوت المدافع وإطلاق الرصاص، فالجرافات والآليات الإسرائيلية كانت تؤدي مهمتها في هدم أحلام الفلسطينيين في بلدة "حزما" شمال شرق القدس المحتلة.

 استمرت عشرات الآليات المعززة بمئات الجنود حتى ساعات صباح أمس، بهدم وتدمير ممتلكات الفلسطينيين ومحالهم التجارية، التي تضم بداخلها أدوات كهربائية، وقطع غيار جمعوها على مدار عشرين عامًا، قبل أن تنسحب مخلفةً وراءها دمارًا واسعًا امتد على طول 15 دونمًا، هدمت فيها 20 منشأة تجارية.

هجوم مفاجئ

يملك محمد الخطيب 3 محال تجارية طالها الهدم: مغسلة للسيارات، و"مشحمة"، ومحلًا للهواتف الخلوية، وعلى الرغم من أن "الهجوم الإسرائيلي" كان مفاجئًا، لكنه استطاع الوصول إلى محاله وإخراج ما يمكن إخراجه من أدوات يسهل حملها قبل وصول الآليات للمكان بساعةٍ.

في حين تعذر ذلك على أصحاب محالات تجارية بداخلها مواتير سيارات، وأثاث منازل، وأدوات كهربائية (ثلاجات، غسالات)، وقطع غيار، وجميعها بمبالغ طائلة، هدمتها البواقر وداست عليها لتفرمها تحت جنازيرها، "لكنها توقفت قليلًا عند محطة وقود، وسحبت الوقود في خزاناتها وصادرتها ثم هدمت المحال"، يروي محمد الخطيب لصحيفة "فلسطين" ما حدث.

اقرأ أيضاً: بالفيديو والصور الاحتلال يهدم 15 منشأة في بلدة حزما شمال شرق القدس

يقول بصوت مقهور: "أملك المحال التجارية منذ عام 2002، وهي أرض مطوبة ورثناها عن آبائنا، وهذه المحال التي هدمت تعيل نحو 400 فرد ويعمل بها عشرات العمال، وتخدم كل منطقة القدس والهدم له هدف، فصلنا عن أهلنا بداخل الجدار".

يصف المشهد بأنه "اجتياح" وأن الاحتلال تعمد مباغتة المحال التجارية وهي مغلقة، يردف: "عشنا ليلة دموية، كأنها حرب، مئات الجنود، وعشرات الآليات العسكرية، هرع أصحاب المحال إلى فتحها ومحاولة إخراج ما يمكن إخراجه، لم يعطنا مهلة كافية، فكل المعدات الثقيلة أبقيناها".

تسكن الحسرة صوته: "تدمرت كل المحال، وفقد أصحابها مبالغ بملايين الشواقل".

بالرغم من أن هذه المرة الثالثة التي تهدم فيها قوات الاحتلال محالات الخطيب في 11 شهرًا، لكنها لم تهدم إرادته: "الموضوع بيننا وبينهم ليس صراعًا ماديًا، لأن موقع المحال تقع على طريق فاصل بين حدود بلدية الاحتلال بالقدس والضفة الغربية، وهم يريدون ترحيلنا، لكننا لن نخرج وسأعيد بناءها وسنبقى متجذرين في أرضنا".

مخططات توسعية

في حين يخشى رئيس بلدية حزما نوفان صلاح الدين، من أن يكون هدم المحال التجارية مقدمة لهدم بيوت الفلسطينيين في البلدة، لافتًا إلى أن الاحتلال هدم مطلع العام الماضي عدة منشآت.

وقال صلاح الدين لصحيفة "فلسطين": إن الـ20 منشأة التجارية، تعيل العشرات وألحقت ضررًا ماديًا ومعنويًا.

وأضاف: "عندما ترى صور الهدم وحجم الدمار، تشعر كأنك تعيش في أجواء حرب بيروت عام 1982، أو في الحروب العدوانية على قطاع غزة لكن الهدم كان بآليات وليس بطائرات، وإن كان نفس الدمار".

ولفت النظر إلى أن الهدم بدأ الساعة 12 منتصف ليلة أمس واستمر حتى الصباح، حوّل الاحتلال المنطقة إلى ساحة حرب انتشر فيها مئات الجنود ومركباتهم العسكرية المدججين بكل أنواع الأسلحة، حاصرت المواطنين في مدة الهدم.

وبحسب صلاح الدين، فإن بلدة حزما معروفة بموقعها الإستراتيجي فهي لا تبعد عن قلب القدس المحتلة سوى مسافة 7 كيلو مترات، ما جعلها عرضة لمخططات بلدية الاحتلال، وباتت محاطة بمستوطنات من الاتجاهات الأربعة، ويجدد الاحتلال هجمته على البلدة كل عام.

ويعتقد أن هدف الاحتلال من حملته، هو ترسيم ما يسمى "حدود بلدية القدس الكبرى"، بتغيير المخططات الهيكلية لحدود بلدية بالقدس، بترسيم حدود جديدة تتجه خارج الجدار، باتجاه القرى الفلسطينية القريبة بهدف إفراغ المحيط. 

اقرأ أيضاً: بالفيديو الاحتلال يجبر مقدسيًّا على هدم منزله ذاتيًّا

وأشار إلى أن المحال التجارية يملكها أصحابها منذ أكثر من 25 عامًا، عادًا ما حدث "قطعًا لقوت المئات من الفلسطينيين"، وأصبحوا الآن بلا مصدر دخل.

وتسرع سلطات الاحتلال الهدم الجماعي، إذ تواجه أكثر من 20 عائلة في منطقة الشقف الواقعة غرب مطار قلنديا، وإلى الجنوب من قرية رافات قرب القدس المحتلة خطر التهجير الجماعي، بعدما أمهلتهم أمس أيامًا لإخلاء أماكن سكناهم.

وتحاول سلطات الاحتلال القضاء على الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة، لكون هذه التجمعات تمثل عائقًا أمام امتداد وتوسع المشاريع الاستيطانية، في عملية تجسد معاني التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني.