فلسطين أون لاين

​مشغولات تجمع الأم وابنتها .. تراث وعصريّة

...
رام الله / غزة - فاطمة أبو حية

مشروع للمشغولات اليدوية من حلي وغيرها، قد يتميز بجمال منتجاته بالنسبة للزبائن، لكن ثمة ميزة أخرى يشعر بها القائمون على العمل، فالشركاء في "بيلا" هما أم وابنتها، استفادت علاقتهما من العمل، واستفاد العمل من علاقتهما أيضًا.

لكلٍّ دورها

تقول سمارة: "أي شيء تمسكه أمي يتحول بين يديها إلى قطعة فنية، فهي تميل إلى هذا التغيير، ومن هنا بدأنا مشروعنا، فهي تتولى التصميم والإنتاج، ودوري أنا الإدارة والتسويق".

وتضيف في حديثها لـ"فلسطين": "البداية في 2010م كانت بمشغولات بسيطة، باستخدام خرز متواضع، ولم نكن نعرف أماكن توريد الأحجار المميزة، وشيئًا فشيئًا طوّرت أمي مهاراتها، وزدنا عملنا جودة وإتقانًا، وأدخلنا إليه خامات أفضل، وأفكارًا جديدة".

وتتابع: "لم نعد نكتفي بمشغولات بسيطة، وأصبحنا ننتج قطعًا مختلفة، مثل أشكال الفضة لعبارات مكتوبة بخط عربي يعكس قيمًا وجمالًا وحبًّا وغنى وأنوثة".

وتشير إلى أنها ووالدتها أطلقتا مجموعات من الحلي مثل مجموعة "زريف الطول"، التي أخذتا تسميتها من الأغنية الفلسطينية التراثية المعروفة، وأدخلتا إلى أعمالهما عبارات مثل بعض أقوال للشاعر الفلسطيني "محمود درويش"، وذلك بهدف "إيجاد حلي توصل رسالة وقيمة".

وتلفت إلى أن المشغولات تكون من تصميم والدتها، أو بناء على طلب الزبون، وفقًا لرغبته أو بما يتناسب مع من سيهديها إليه، موضحة: "يشتري الناس مثل هذه المشغولات لأنهم يريدون ما يعبر عنهم، كبيت شعر يروقهم، أو عبارة ذات معنى، وكثير من المشترين يميلون إلى المشغولات التي تحمل تراثًا فلسطينيًّا".

العمل الخيري

وتبين سمارة أن مجموعة "زريف الطول" التي كانت في 2013م أخذت المشروع إلى طريق التوسع والتطور، لكن نقطة التحول الفارقة كانت في 2014م عندما جعلت مشروعها فرصة للعمل الخيري، وجعلت له رسالة مجتمعية، ما كان له أثر إيجابي في الترويج للمشروع.

وتقول: "من الجيد أن نضيف إلى العمل قيمة اجتماعية، لذا أطلقنا مبادرة "قطار البسمة"، التي أردنا بها أن نقول إن الشباب قادرون على عمل شيء لمصلحة المجتمع، غير الربح، مثل تنظيم رحلة لدار أيتام وتغطية بعض احتياجاتها، أو تخصيص جزء من الربح لمصلحة فئة معينة تحتاج لدعم".

في البداية كان (فيس بوك) وسيلة الترويج المعتمدة للمشروع، ولكن لاحظت سمارة ووالدتها أن الناس تميل أكثر إلى المنتج الذي تمسكه بيدها وتتفحصه مباشرة، ما يحول دون إقبال فئات واسعة من المشترين على المنتجات التي تسوق إلكترونيًّا، لذا كان لابد من تحديد عدة نقاط بيع في رام الله.

ليس كأي مشروع

أن تكون القائمتان على المشروع أمًّا وابنتها هذه ميزة لها انعكاساتها على العمل من جهة وعلى العلاقة العائلية من جهة أخرى، بحسب قول سمارة.

وتضيف: "عملي مع أمي أثر كثيرًا على علاقتنا، زادنا ترابطًا، وعزز الصداقة بيننا، وجعل العمل أكثر راحة مما لو كان مع غرباء، وأكثر من ذلك أنه انعكس أيضًا على العائلة بكاملها والعلاقة بين أفرادها، وليس على العلاقة بيني وبين وأمي فقط".

وتضيف: "أنا وأمي نمثّل جيلين مختلفين، وهذا انعكس على تصميماتنا، فيظهر الجيلان في القطعة الواحدة، ففيها التراث بعراقته، والمظهر العصري في الوقت نفسه، إلى جانب زيادة فرص الإبداع، فالعمل مع الأهل لا يكون جامدًا".

وتتابع: "أحيانًا نستلهم أفكارًا من بعض معارفنا وواقعهم، أو من أي موقف نمرّ به، على الفور نفكر بالعمل الذي يمكن أن ننتجه، وما إن نصل إلى الفكرة النهائية حتى نبدأ تنفيذها".

وتلفت إلى أن جمال العمل العائلي لا يعني عدم وجود موظفين آخرين، فاقتضى توسيع المشروع توظيف خمسة أشخاص.

وتشير سمارة إلى أنها عملت في مجال دراستها سنتين، ثم انطلقت نحو مشروعها، موضحة السبب: "إن الروح الريادية إن كانت موجودة عند الشخص فلابد أن تظهر، فأنا لا أفكر لماذا أفعل هذا، بل أجدني أتجه نحوه مباشرة، لشعوري بوجود هواية وفن، وأبدأ بالتسويق بطريقة تبرز جمال الفن".

وحاليًّا تعمل في حاضنة للأعمال، ولكنها تفكر في التفرغ للمشروع لتركيز جهدها في تطويره، وتوسيعه ليغطي السوق الفلسطينية كاملة.

وفقًا لرأي سمارة إن من لديه عمل يهتم بتطويره لا يصل إلى ما يريد أبدًا، لأنه كلما صعد درجة رغب بصعود الدرجة التالية.

وتقدم سمارة لمن يفكر بتأسيس مشروع خاص مجموعة من النصائح التي تمنت لو أنها سمعتها قبل البدء بالعمل، ومن أهم نصائحها: تعيين محاسب وعدم الاعتماد على النفس في هذه المهمة، واختيار طرق فعالة للتسويق، وقد لا تكون مكلفة، ومن أهمها الطلب من الزبائن إخبار معارفهم عن المشروع، إضافة إلى البحث عن نقاط بيع وعدم الاكتفاء بالتسويق الإلكتروني، والاستفادة من خدمات حاضنات الأعمال في التطوير والتسويق، وإنشاء قاعدة بيانات للزبائن للتواصل معهم، لأن "العميل هو رأس مال المشروع"، واتباع قاعدة "اعرف شيئًا عن كل شيء"، وأن يؤمن صاحب المشروع بنفسه ليؤمن به الآخرون.